يعرف سوق الخضر بالجزائر منذ مدة ارتفاعا غير مسبوق لسعر البصل، حيث سجل اسعارا قياسية وصلت حدود 300دج للكيلوغرام الواحد في بعض المناطق من الوطن. اتصل بي عدة أصدقاء مستفسرين عن أسباب هذا الارتفاع الغير مسبوق ، فأردت كتابة هذه الأسطر لأوضح من خلالها الأسباب الحقيقية والفعلية التي ادت إلى هذا الوضع.
في البداية يجب الحديث اولا عن وقت زراعة البصل في بلادنا وعن طرق تخزين هذا المنتوج الفلاحي لتسويقه في الفترات التي لا يكون فيها انتاج. في الصور المرفقة يوجد نوعان من البصل، و هما البصل "الحَب" ، الذي يتم الحصول عليه بغراسة الشتلات ابتداء من شهر فيفري ومارس وحتى بداية شهر افريل من أجل الحصول على حبات البصل في نهاية شهر جوان ( في نفس وقت الحصاد و الدرس). النوع الثاني وهو البصل الأخضر ، والمعروف محليا بإسم " الشلوط" , والذي يتم الحصول عليه بعد عملية غراسة حبات البصل في بداية موسم الخريف و الذي يكون موسم جنيه في بداية الشتاء و تستمر عملية الجني حتى فصل الربيع.
السبب الاول لحدوث هذه الأزمة، هو عزوف الفلاحين و اصحاب غرف التبريد عن تخزين هذا المنتوج والمتمثل في حبات البصل. خوفا من قانون مايسمى بقانون المضاربة، فقاموا بعرض كل المنتوج في السوق في فصل الصيف مما ادى الى تلف كميات هائلة من البصل والتي كان من المفروض تخزينها و تسويقها على فترات متفرقة من السنة وخاصة الفترات التي تشهد نقص في الإنتاج، وهذا هو السبب الرئيسي لحدوث هذه الندرة وبالتالي ارتفاع الأسعار. وحتى الفلاحين الذين كانوا يخزنون البصل بطرق تقليدية تتمثل في ردم الصل تحت التراب بعد تغطيته بالتبن، هذه العملية رغم انها تقليدية إلا أنها كانت تساهم بشكل كبير في تموين السوق الوطني خلال فترات الندرة. لكن بعد تداول روبورطاجات تلفزيونية اظهرت عمليات مداهمة وحجز المنتوج المخزن عند الفلاحين أدى الى اعتزالهم لهذه الطريقة في التخزين مما أدى ايضا الى الندرة المسجلة اليوم بالاسواق. السبب الحقيقي ليس نقص في إنتاج البصل ولكن هو عدم القدرة على تنظيم هذه الشعبة كغيرها من الشعب الفلاحية الأخرى ، وعدم القدرة على تسيير الفائض من المنتوج في موسم الجني و إدخاره إلى فترات ندرة المنتوج لعرضه في السوق وبالتالي التحكم في الاسعار وتجنب الندرة الشديدة التي أدت إلى هذا الإرتفاع الغير مسبوق. كان من المفروض مرافقة الفلاحين ومساعدتهم على تخزين الفائض من الإنتاج وليس تطبيق قانون تعسفي ادى الى اعتزال الكثير منهم خوفا من عقوبة السجن.
الوضع الحالي يتطلب تدخل استعجالي للمصالح التي يخول لها القانون التدخل وهي : مديرية ضبط الإنتاج الفلاحي وتنميته على مستوى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، ومصالح تنظيم الإنتاج والدعم التقني على مستوى مديريات الفلاحة للولايات وخاصة الولايات التي تسجل إنتاج كبير للبصل . العملية تتطلب حماية الفلاح المُنتج أولا ومرافقته وليس تطبيق عقوبات تعسفية عليه هدفها البهرجة الإعلامية لا غير، وثانيا تنظيم عملية تخزين الفائض من المنتوج لتسويقه في أوقات الندرة وهذا بالتنسيق بين الفلاحين ، مصالح الفلاحة والتجارة وأصحاب غرف التبريد.
كل هذه الإقتراحات يمكن تطبيقها وتدارك في القريب العاجل خاصة ونحن على مقربة من موسم الجني شهر جوان ان شاء الله.
للتذكير، تقنيا زراعة البصل و الثوم تعتبر من أسهل الزراعات و الأقل تكلفة مقارنة بالمحاصيل الزراعية الأخرى.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/04/2023
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
المصدر : الدكتور: مناني عشور. يوم الثلاثاء 13 رمضان 1444 هجريًا الموافق ل 4 أفريل 2023, الرصفة ، سطيف.