الجزائر

هذه أسرار إجابة الدعاء في السجود


الباب الأعظم لتحقيق الأمنيات الصعبة
هذه أسرار إجابة الدعاء في السجود
للدعاء في السجود فضائل وأسرار عظيمة السجود باب تحقيق الأمنيات والمطالب التي قد نظن أنها صعبة.. السجود من أعظم المواطن التي يرجى فيها إجابة الدعاء والإكثار من الدعاء في السجود مأمور به شرعا فمن دعا في كل سجدة من سجدات الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة فلا يلام على ذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الدعاء في السجود.
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله: يشرع للمؤمن أن يدعو في صلاته في محل الدعاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة ومحل الدعاء في الصلاة هو السجود وبين السجدتين وفي آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل التسليم. انتهى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم. أخرجه مسلم. ومعنى قَمِن: حقيق وجدير كما قاله النووي.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أيضا: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء. وثبت الدعاء في السجود من فعله صلى الله عليه وسلم أيضا في أحاديث كثيرة ومنها ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفرلي. يتأول القرآن. متفق عليه.
وهو بظاهره يعم الفرض والنفل وبه يظهر أن الدعاء في السجود من أعظم الخير الذي لا ينبغي للمسلم تفويته ولا التفريط فيه وكلما أكثر منه العبد كان خيرا له.
*خصائص موضع السجود
يقول الدكتور راغب السرجاني: واقع الأمر أن وضع السجود هو أكثر أوضاع الصلاة خضوعًا لله عزَّ وجلَّ وأكثر المواطن ذلًّا له سبحانه وتعالى ففيه تخضع الجبهة التي يعتزُّ بها الإنسان ويسجد الأنف الذي يشمخ به الناس.. إنه المقام الذي لا يَقْبَل أحدٌ سَوِيُّ الفطرة أن يفعله إلَّا لله عزَّ وجلَّ ومن هنا كان هذا أعظم إعلان للعبودية لربِّ العالمين وإذ اأدرك العبد طبيعة هذه العلاقة فإن إجابة دعائه تكون قريبة ولذلك قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] فالله قريبٌ من عباده أما الذي لا يُدرككُنْه هذه العلاقة فكيف يقترب من الله؟!
ويضيف د. السرجاني: غير أن هناك حكمة أخرىجميلة ودقيقة أراها من وراء جعل السجود هو موطن الإجابة الأقرب في الصلاة.. وهي أن السجود هو آخر عمل في الركعة فكأنَّ كلَّ الركعة في تكبيرها وفاتحتها وقرآنها وركوعها وحمدها ما هي إلَّا مقدِّمة مجَّدْتَ فيها الله وعظَّمْتَه حتى وَصَلْتَ في نهايتها إلى السجود الذي تطلب فيه من الله بغيتك.. وإذا رجعنا إلى المثال الذي ضربناه قبل ذلك وفيه نطلب قرضًا من صاحب فضل وقعنا في حقِّه تُصبح الركعة كلها هنا كالمحاولات التي نبذلها للاعتذار عن خطئنا ولتقديم التبجيل والتعظيم وإظهار الانكسار والضعف لنصل في النهاية إلى الموضع الذي نطلب فيه على استحياء ما نُريدهمن صاحب الفضل.
فنحن لا ندعو في الركوع حيث إننا لم نستكمل بعْدُ المقدمات التي تكفل لنا الإجابة أمَّا إذا قُمْنَا في الركوع وغيرِه من أركان الركعة بتعظيم الله وتمجيده والاعتذار له فإن إجابة الدعاء في السجود تكون أقرب ومن المفيد أن تعرف أن هذه الوصية كانت في أخريات حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مرضه الذي تُوُفِّيَ فيه مما يدلُّ على أهمِّيتها القصوى وحِرْصِ الرسول صلى الله عليه وسلم على إيصال الخير لنا حتى مع شدَّة ألمه وتعبه.
ولعلَّ هذا هو السبب كذلك في مشروعية الدعاء بعد التشهُّد الأخير في الصلاة فمن السُّنَّة النبوية أن ندعو في موضعين رئيسين في الصلاة: السجود وبعد التشهُّد قبل التسليم.
فكما أن السجود هو آخر أعمال الركعة وجدير أني ُستجاب لنا كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن التشهُّد هو آخر أعمال الصلاة كلها وقد عظَّمْنا اللهَ كثيرًا في كل أركانها فحان وقت الطلب من الله سبحانه وتعالى لذلك وردت في السُّنَّة النبوية أدعية كثيرة للغاية يقولها المُصَلِّي بعد التشهد وقبل أن يُسَلِّم وسنعرض لها بإذن الله في ثنايا الكتاب عند حديثنا عن التشهُّد والتدبُّر فيه.
وكذلك يمكن أن نفهم لماذا جعل الله عزَّ وجلَّال قنوت في صلاة الوتر.. فبعد أن صَلَّيْتَ كثيرًا من الليل وعظَّمت الله عزَّ وجلَّ طويلًا في هذه الركعات جاء وقت الطلب والمناشدة.. وتأمَّل صورةً من الطلب الذي تُقَدِّمه إلى الله عزَّ وجلَّ كما رواها لنا الحسن بن عليّ ب فقال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهنَّ في قُنُوتِ الْوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ . فهن ابعد صلاة الليل كلها أو حتى بعد صلاة اليوم كله نختم عبادة اليوم الطويل بدعاء طويل! نطلب الهداية والمعافاة والموالاة والبركة ولم يكن ذلك إلَّا بعد تمجيد الله في كل الصلوات السابقة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)