الجزائر

هذاالأسبوع كلام غير دبلوماسي



هذاالأسبوع                    كلام غير دبلوماسي
لا يوجد ما يوحي بأن الحكومة الجزائرية قلقة أو مهتمة بتطورات ظاهرة ''الحرافة''، بل يمكن الاستنتاج بأنها راضية، كل الرضا، عن نفسها وما قدمته من قانون، تعتقد بأنه الشافي للظاهرة. قانون يستند على قاعدة ''تجريم'' الهروب من واقع معيش.والحال أن الأمر يتجاوز تكليف دركي أو شرطي بتسجيل مخالفة مرور، لأن المخالفة لا تتعلق بانضباط في سلوك عام، ولكن في علاقات تفاعلية بين الفرد ومحيطه. ومن الصعب فرض العيش على شخص في مكان لا يجد فيه أسباب العيش الكريم. إننا أمام ظاهرة خاصة واستثنائية. فهي تشمل الفقير وميسور الحال، المثقف وغير المؤهل مهنيا. وليس من الغريب ملاحظة استمرار الإقبال على مغامرة، مع ما ينتظر كل محاولة من أخطار الموت أو السجن. فهل للقانون أن يقنع على الإقلاع عن الظاهرة لمجرد أنه يهدد بالسجن؟ ربما كان للبعد الديني أثره الكبير والعميق في الإقناع للإقلاع عن ''الانتحار''. وهو عمل محرّم في كل الأديان وبكل اللغات. ومع ذلك، نسجل استمرار الانتحار في وسط مسلم.ولو كان الفقر سببا في الانتحار مثلا، لانتحر الفقر نفسه. لكن الشعور بعدم الرضا واللاطمأنينة يدفعان إلى اتخاذ قرارات غريبة ومفاجئة، كأن نجد إطارا ضمن قافلة من قوافل  ''الحرافة''.ويمكن إسقاط الظاهرة على حالات تختلف عنها في وسيلة الحرفة والهروب من الواقع. ومن هذه الحالات استمرار لجوء المسؤولين وعائلاتهم إلى الخارج بحثا عن ''الهناء'' والاستقرار النفسي، أو هروب بعضهم للتداوي، ليس لأن ما يعاني منه غير قابل للعلاج في ''البلد''، بل فقط لأنه لا يثق بما تضمه المستشفيات والعيادات من تكفل ونوعية الخدمة... (وبعضهم يعالج في الخارج لأنه لا يدفع شيئا من جيبه).قد ترى الحكومة أنه أمام عجزها في تحسين نوعية الحياة وعجزها عن وقف تراجع القدرة الشرائية، من الأفضل لها الاعتماد على ''التجريم'' بدل لاشيء. على الأقل، ستقول بأنها أنبتت قوانين، وتعمل على احتواء الظاهرة. لكن في المقابل، كيف لقانون أن يتحكم في ظاهرة لا يستطيع أن يستوعبها؟ إننا أمام مواد تعاقب على فشل الحرافة من إتمام مشروع الحرفة، تعاقبه لأنه عاد ولم يتمكن من الخروج من قفصه الذهني.من بين ما شدّني في قصة أعضاء البالي الذين بقوا في كندا،أ نهم صدموا لكلام غير دبلوماسي صدر عن سفير ''نجيبوكم بالسلاسل''. وغير بعيد عنه، ليس بالمسافة ولكن في التصرف والسلوك وطريقة التفكير، جاء رد وزير التربية سريعا جدا جدا، ليتوعد المتغيبين عن الدروس يوم الخميس الماضي بخصم 3 أيام من مرتباتهم... وفقا للقانون، حسب الوزير، أي القانون الذي يحتسب أيام الأعياد كأيام عمل إذا لم يستأنف العمل في اليوم الموالي. وليس الغرض فتح نقاش قانوني، ولكن للتساؤل عن الأسباب التي تؤدي إلى تكرار ظاهرة التسرع، واللجوء إلى التهديد لتخويف وترهيب ''الآخر''. فكيف لشاب أن يستجيب لتهديدات سفير؟ أو لأساتذة أن يهدأوا ولهم إمكانية تحويل عملية خصم للراتب إلى خصم للمجهود.. كان من الأجدر منح يوم الخميس عطلة مكافأة للجميع على دخول مدرسي من دون توقف... بدل الصدام ثم التراجع ليتم معاقبة الذين التحقوا بمناصبهم... أليس من العدل أن يمنحهم يوما إضافيا مدفوع الأجر؟لكن، هو الأسلوب الصدامي. الأسلوب المفضل في معالجة المشاكل والصعاب. أسلوب يرى في الحوار مضيعة للوقت. وفي النقاش ''مسخرة وطنية''. ولا يرى من الحلول إلا ما يأتي من الأوامر.التعامل الصارم غير الذكي مع الحرافة قد يعود على الحكومة ببعض الرضا من الاتحاد الأوروبي، لكنها ستجني القليل من المكاسب، إذا ما أخدنا بمنطقها في اعتبار توقيف وسجن الحرافة نتائج إيجابية. فـ''الحرفة'' كظاهرة عابرة للحدود تخفي حالات الهروب الداخلي، من لامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية، وتفكك شبكات الترابط والثقة... وتلك أمور تتجاوز النصوص. ئ؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)