«هذا ما أكتبه لكم في حب غزة أيها الأصدقاء!»

غزة فيك سرٌ عجيب كأنك ثوبٌ مطرز، يتتالى عليك الغزاة والحاكمون من كل صوبٍ وحدبٍ فعجزوا عن صدك، تساقطت عليك القنابل والصواريخ كوابل من الرصاص فلم يفلحوا في قتلك، متى أبصر فيك العرب يوماً، سحُبك من دخانٌ كثيف، وزيتك من ذهب، وخبزك فيه ملامح التاريخ، فيك بنٌ لا شبيهٌ له، وتينك وزيتونك متجانسان في لونهم، وشعبك أقدم من بني إسرائيل، سكنوك الإغريق والرومان واليهود والفرس والأنباط فانهزموا، أرضك كانت ساحة قتال عبر مر التاريخ، لم تتعظي حين حاصرك الأسكندر الأكبر لخمسة شهور متتالية، وكنت السد المنيع لأهل مصر، لقد كنت عقدة التاريخ، وجوف السياسات كلها، لن أشّبه وجهك بالبحر الذي تمنى فيه العدو ابتلاعك ذات يوم، بل سوف أشّبهك بنساء فينيق وكنعان، يا غزة سلامٌ عليك حين تذوقين الألم في جوف مرارته، يا غزة ماذا فعلت، حتى جعلت الأعداء يتراقصون على قصفك! حاصروك، نعتوك بالإرهاب، قتلوا أطفالك الرضعّ، ميزوا بين ساكنيك، فلم تنهزمي، قولي لهم يا أمةً في صرة الله، قولي لهم يا من تهينون شعب فينيق وكنعان، إلى أن تكون لكم لعنةٌ مثلنا تطاردكم، إلى أن يدور الزمان فيكم، إلى أن تحملوا حمل نكباتنا ونكساتنا وحروبنا، إلى أن تروا أن قتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا، لا يحل لكم، إلى أن يكون لكم مثل هذا، تنحوا، لتجعل فيكم غزة عبرةٍ يا كل من حاول أن يحتل أرضنا.