الجزائر

هذا حالنا.. فما العمل؟! :



اليوم أحس فعلا أنكم تطرحون أسئلة في غاية الأهمية يا أستاذ، ومن الصعب أن يدّعى أحد منا أنه بإمكانه تقديم إجابات مباشرة، كل ما يمكن فعله هو فتح نقاش أتمنى أن تستمروا فيه لبعض الوقت، حول أسباب فشل نخب ما بعد الاستقلال في تحديث الثقافة السياسية للعامة والنخب، التي يعيد النظام إنتاج نفسه عليها اليوم.
أصحاب الحق الإلهي كما تحب أن تناديهم يا أستاذ، يرفضون تطليق السلطة اليوم في نظري لثلاثة أسباب أساسية:
1 الإنسان بطبعه محب للسلطة، وإن لم تكن هنالك قوة في المجتمع تردعه وتفرض عليه أدوات تسوية ديمقراطية، فإنه لن يتنازل عنها بمحض إرادته، وبالتالي فإن التداول على السلطة وضعية اجتماعية تحدث حينما تتوفر ظروف توازن القوى بين مختلف الجماعات الاجتماعية. هذه الوضعية غائبة اليوم، والنظام في أشد قوته وتغوّله لامتلاكه المال والزبائن والعملاء في كل مكان.
2 الدولة الوطنية الجزائرية نشأت على خلفية عنف، والجيش كان له دور أساسي في ظهورها بعدما عجزت النخب السياسية، خلال مرحلة ما بين الحربين، عن تحقيق تقدم في نيل الاستقلال. لكن يجدر أن نشير هنا إلى أن الجيش بالمعنى الحقيقي قبل الاستقلال، لم يكن موجودا، بل حدث التحام بين مختلف القوى الاجتماعية لاستبدال النضال السياسي بالعسكري، أي أن الكل كان عسكريا عدا من لم يشارك في الثورة، وجاءت فكرة الجيش المؤسس للدولة، من استيلاء بومدين على الحكم وتأسيسه تقاليد جديدة في الوصول إلى السلطة مازالت مستمرة إلى اليوم.
3 يعتقد بعض الجينرالات في الجزائر أنهم مكلفون بمهمة سماوية هي حماية المكتسب الوطني من الضياع بعد كفاح طويل من استرجاعه. إن دائرة الاستعلامات لا تمارس هذه الرقابة المطلقة على كل شيء من أجل الرقابة فحسب، بل إن بعض قادتها يعتقدون بأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فإن الجزائر ستضيع، وسيضيعها رجال الساسة الذين لا يمكن وضع الثقة فيهم. يعتقد العسكر بأن رجال الساسة اليوم صبية ومتهورون ولا يمكن إسناد المسؤوليات لهم، دون مراقبتهم وتوجيههم.
لكن لا يجب أن ننسى وجود شريحة هامة من العسكر الذين لا يمتلكون أي شرعية لممارسة السياسة، لأن بومدين هو من أتى بهم لأسباب سياسية بغطاء تقني، هؤلاء هم اليوم في مناصب متقدمة، مستعدون لفعل كل شيء لكي لا يفقدوا مصالحهم وامتيازاتهم، وهم من يشكّل الخطر الأكبر على مستقبل الجزائر.
من الواضح إذا، سيدي، أن القضية معقّدة ولا يمكن تحليلها وفق قالب واحد، لأن الأطراف المشكلة لها غير متجانسة وليست لها أهداف مشتركة متفق عليها.
أرجو أن نفتح نقاشا معمقا حول القضية لتنوير الرأي العام من جهة، ولتبادل وجهات النظر التي يمكن أن تؤدي بنا إلى بناء موقف عملي يوما ما.
تحية أخوية: نوري إدريس: أيت تيزي سطيف

أولا: أشكرك على هذه المساهمة العميقة والنوعية في مناقشة هذه القضية وأتمنى أن يناقشها آخرون من زوايا أخرى، تعميما للفائدة العامة وتوضيحا للقضية.
ثانيا: لسنا ندري أيهما الأصح وفق ما ذكرت؟!: هل كان جميع من انخرط في الثورة عسكرا أم كانوا مناضلين سياسيين فرض عليهم موضوع استعمال العنف من أجل الاستقلال فتعسكروا؟!
ثالثا: إذا كانت علاقة الشعب الجزائري اليوم بالحكم وبالجيش الذي يحميه، لا تختلف عن علاقة هذا الشعب بالكولون والجيش الفرنسي الذي يحميهم في أواسط الخمسينيات (أقصد بعض قيادات الجيش وبعض رموز الحكم)، فهل قوة نظام الحكم في الجزائر الآن أقوى من قوة نظام الكولون في الخمسينيات؟!
رابعا: هل النضال السياسي الآن من أجل تغيير الوضع غير المرضي والذي يحتج عليه الجميع، قد وصل إلى طريق مسدود مثلما وصل العمل السياسي من أجل الاستقلال في بداية الخمسينيات إلى طريق مسدود هو الآخر.؟ وماذا يتعين علينا أن نفعله.؟!
خامسا: مهمة السياسيين في بداية الخمسينيات هي البحث عن طريقة لتحقيق استغلال البلاد ومهمة السياسيين الآن هي البحث عن طريقة لبناء البلاد.. لأن الوطنية بالأمس كانت تحقيق الاستقلال والوطنية اليوم هي بناء البلد. فماذا نفعل؟!

[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)