الجزائر

هذا الأسبوع سياسة جامدة ودبلوماسية عاجزة



 يبدي مسؤولون جزائريون تفاؤلا بتحقيق إنجازات في مجال الاستثمار بين الجزائر وفرنسا. وعلى ما يبدو، فإن القراءة الجزائرية لا تستند على أشياء ملموسة، وإنما هي استنتاجات أو ربما تصريحات لربح الوقت وتبرير التأجيلات المتتالية.
والمعلومات التي تصل إلى الصحافة ومن ثم إلى الرأي العام، معظمها صادر عن الطرف الفرنسي، بدءا بـ''جون بيار رافاران''الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي، مرورا بتصريح مسؤول شركة ''رونو'' للسيارات، بمناسبة تدشينه لمصنع بالمغرب، ينتج فعلا السيارات، وصولا إلى سفير فرنسا بالجزائر الذي لم يخف بأن الأمور ليست بالبساطة التي يتم بها تقديم الأوضاع.
ففي لحظة من لحظات الضجيج الدعائي الرسمي، تصورنا ''رافاران'' وهو متقمص لشخصية ''بابانوال''، حاملا معه الحلول المسهلة للانطلاق في العمل، وفي الإنتاج بالجزائر. ولم تكن تلك اللحظات، إلا وهما يمثل إحدى صور وأشكال التلاعب بالرأي العام، من خلال الطريقة التي يتعامل بها الطرف الجزائري مع هذا الملف، في حين كان عليه التحكم في نزواته الدعائية، لتفادي الحديث عن مشروع ''فاتيا''2، نظرا لما خلفه المشروع الأول مع الإيطاليين من جروح، أصبحت نموذجا للسخرية.
فهل ضغط المهمة، يضاف إليه الضغط الاجتماعي المحلي، ثم ما تنتظره أطراف مشاركة في السلطة من التشريعيات، هي التي خلقت هذا الجو في تناول التعاون بين الدولتين، لأغراض انتخابية؟ أم أن المسألة هي لتحميل الطرف الآخر مسؤولية أي انسداد محتمل؟
لم يأبه الطرف الفرنسي لحسابات غير تلك التي تخص الرئاسيات في فرنسا، وربما عينه من الآن على التشريعيات القادمة. فاليمين واليسار تحركا في اتجاه تبني قوانين، تستقطب اهتمام الأقليات المهاجرة بفرنسا وإرسال إشارات الرغبة في التعاون مع الجزائر وباقي الدول المغاربية، وهي فعلا أنجزت شيئا كبيرا له مدلوله، من خلال مصنع السيارات بالمغرب، الذي تعتبره باريس البينة على حسن النوايا.
والسلوك الجزائري المتكرر في تجنب تقديم صورة الأشياء، كما هي، يسبب الارتباك والكثير من الخسائر المعنوية قبل المادية.
من أيام قليلة، صرح سفير أمريكا بالجزائر  بجهل الأمريكيين لإمكانات العمل والاستثمار في الجزائر، معيدا ما يقوله السفراء المعتمدون والوزراء الذين تستقبلهم الجزائر، الذين لا يعرفون من الجزائر إلا نفط الصحراء، وتكرار هذا ''الاعتراف'' ينسف ما تدعيه السلطات من عملها للتعريف بقدرات الجزائر.
وعلى مستوى مرتبط بتسويق المواقف أو الطموح الجزائري، يصعب تفسير تعليق وزير الخارجية الجزائري من إقدام سوريين على حرق العلم الجزائري؟
يقول بأن السبب هو جهل السوريين لحقيقة الموقف الجزائري داخل الجامعة العربية..
إنه شيء مزعج ومقلق، ألا يكون الرأي العام الوطني ملما بتطورات التعاون وأن يجهل المتعاملون الأجانب إمكانات ما توفره الجزائر من فرص وأن تعجز شعوب عربية عن استيعاب ''حقيقة'' الموقف الجزائري من القضايا العربية..
فأين مسؤولية الجزائر تجاه الرأي العام الجزائري والعربي؟ لسنا في حالة النضال السري. وأمور الدولة لا تختزل في عمل الكواليس أو الرسائل المشفرة، فهناك دبلوماسية علنية لتسويق مواقف ومبادئ وتسويق رغبات وطموحات.
من الصعب تصور تعامل بهذا المستوى مع أحداث بمستوى ''الثورة السورية''، ولا سيما أن الرئيس الأسد، ومن أجل الحكم، فضل ''عبون'' روسيا على أحضان شعبه، رافعا راية ''الصمود'' في وجه القوى الغربية.. من موسكو، فهو ''يحكي'' بما ليس فيه من خصال.
وعلى ما يبدو، لا يستطيع بعض العرب إخفاء انزعاجهم من الثورة التي يقوم بها الرئيس التونسي محمد المرزوفي، على تقاليد بروتوكولية، تعكس فهم العرب لوظيفة الحكم والسلطة. فالمرزوفي أدرك قبل الوصول إلى الحكم، بأن تلك التقاليد والطقوس أدت إلى فصل الحكام، ثم إلى عزلهم عن محيطهم، ليحكموا في عزلة تامة، شعوبا لا تتجاوب مع دعوات العمل والإنتاج، وميالة إلى عدم الاكتراث للخطاب الرسمي.
إنه يستخدم الصورة والصوت واللقاء المباشر لبعث رسائل مختصرة ودقيقة، فعلها في الجزائر عندما نزل ضيفا على الزميلة ''الشروق''، متحررا من تلك الالتزامات البروتوكولية الخانقة.
للجزائر إمكانات.. هي نائمة اليوم، لكنها موجودة.

hakimbelbati@yahoo.fr  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)