الجزائر

هذا الأسبوع عندما يخشى العرب نوبل



امرأة شابة ووسيمة، يمنية، وعربية ومسلمة وإسلامية، تفوز بجائزة نوبل للسلام.. سكت ''الناطقون الرسميون'' باسم الحكومات العربية عن التعليق. وانزعج بعض أهل اليسار، وغضب بعض أهل الميمنة، ولم يحصل إجماع بين الإسلاميين على تتويج اليمنية توكل كرمان بـ''نوبل السلام''.  هل ''اللامبالاة'' تعكس موقفا من المرأة، أم من التيار الذي تنتمي إليه؟ لو كان ''نوبل ''في الأدب، أو في الطب، لما حزنت تلك الأطياف السياسية على ما حققته اليمنية. لكنه ''نوبل السلام''، أو ''نوبل السياسة'' المتوّج لجهود ونضال الدفاع عن الحريات الفردية والجماعية، وعن حقوق المرأة، وعن الاحترام المتبادل. والدفاع عن حرية الرأي والتعبير عنه، وعن التعددية الديمقراطية والحزبية.. هو تتويج لمسار الدفاع عن حقوق الفرد من خلال حماية خصوصيته، وفي نفس الوقت ترقية مشاركته ضمن الجماعة. وهذه القيم، بالنسبة للعالم العربي مثل الفواكه الاستوائية، ''نلمسها'' بالنظر. صحيح هناك من الدساتير والقوانين والهياكل والأشياء التي توحي بوجود ما يوجد في الديمقراطيات، لكنها تبقى مجرد ''شبه''. مسافات طويلة ما تزال أمام الهيئات الرسمية العربية، حتى تصل إلى مستوى يليق بسمعة دولة المؤسسات. وأشواط تفصل المجتمعات المدنية عن مرتبة تقدير الخصوصيات. كان الإعلان عن فوز اليمنية بـ''نوبل السلام'' بمثابة الانفجار الذي هز أوساطا متباينة، سياسيا وايديولوجيا، ومصلحة، وجعلها تلتقي في ''إبراز أنيابها''، بما يوحي عن بعد أنها ابتسامات الفرح. لماذا؟ الإشكالية هي في طبيعة تنظيم العلاقات داخل الدولة العربية. هي قامت على ''القوة''، والعزل. ومن بين المعزولين، كان للنساء ''حظهن''. وتحافظ ''سلاسل'' الإصلاحات العربية على إيقاعات توزيع ''العزل بالعدل''، بين فئات اجتماعية، ومنها فئة المرأة. وعندما ''تجرؤ'' إصلاحات الجزائر في التكفل بفئة المرأة، فإنها (إراديا أو لا إراديا) تستعمل نفس ''الكيل'' المخصص للفصل والتمييز، و(هو الكيل بالكوطة). إن الأمر الأول الذي تنبهنا إليه هذه السياسات أنها تعاني من الانفصام. فهي تستعمل خطابات تعبوية تشمل كل فئات المجتمع، وتتجاهل أغلبية المجتمع عندما تقصر في الدفاع عن مصالحه. وغالبا ما يوصف دور المرأة العربية بالخضوع. فهي في هذا المجال تقاسم الرجل مهانات الترغيب والترهيب. لكن ما نجحت فيه الأنظمة العربية أنها نشرت انطباعا بين الرجال، مفاده بأن الرجل هو صاحب الرأي. وصاحب الحل والربط. ليدخل المجتمع في معارك هامشية، تحركها ''شهوة'' حب السيطرة. فكيف يكون فاقد الشيء صاحب رأي، أو صاحب حل وربط؟ ربما الشيء المهم في قضية التتويج أنها تذكرنا بأن الدفاع عن الحقوق لا يتطلب وسائل كبيرة. فصلابته هي من قوة الإيمان بالمبدأ، وفي التصميم على الدفاع عنه سلميا، وفي الإصرار على طابعه السلمي. كما تذكرنا بأن اللامبالاة هو مجرد قناع يخفي ''الخشية'' من تأثيرات مزعجة محتملة لجائزة عالمية على العلاقات الاجتماعية، ثم السياسية داخل الخيمة العربية.   hakimbelbati@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)