الجزائر

هذا الأسبوع جنون ''حماقة العظمة''



القذافي قد يقصف طرابلس.. التنبؤ لم يصدر عن مرصد الأحوال الجوية، بل جاء على لسان أحد كبار المسؤولين الروس، زار ليبيا مؤخرا.
ويفهم من كلام المسؤول الروسي، أن الزعيم الليبي مستعد لحرق بلده، حتى لا يتركه لحمة طازجة.
نظام روسيا ليس بالملائكي وتاريخه حافل بالتخلي عن أصدقائه العرب، حالة العراق، أو عن حلفائه في شرق أوروبا أو أمريكا الوسطى والجنوبية.. يبيع إيران ما يساعدها في إنتاج السلاح النووي، ولا يتخلف عن ممارسة الضغط عليها استجابة لضغوط غربية عليه.
عندما تحذر روسيا من غضبة القذافي، فمن المحتمل أنها تحضر للإطار الذي سيتم من خلاله إعلان التخلي عن حليف آخر، قبل سقوطه. فهل الأمر تم حسمه بين الحلفاء؟
قبل نصف قرن، كانت بعض قوة العرب، مصدرها إتقان السباحة بين مياه روسيا وأمريكا. وكانت الدبلوماسية تشتغل بتلك الصفة لا شرقية ولا غربية ، مستفيدة ومستخدمة التناقضات.
العالم تحوّل وتغير منذ ذاك التاريخ. أجيال تعاقبت على التسيير وأفكار نسفت أفكارا، منتجة أفكارا جديدة ورؤى متكيفة مع تطور التحديات. وبقي العرب محافظون .
حافظوا على تقليد السباحة في نفس المياه، على الرغم من تغير لونها، منذ امتداد تيار الغرب.
وحافظوا على الاختلاف فيما بينهم، وعلى كسر أي إطار تكاملي مصلحي أو سياسي مصلحي.
حافظوا على الضعف وعلى غريزة الاحتماء بظل دولة.
لكن، من يمكّن الروس ويمكّن خصومهم ومنافسيهم من لحم طازج ؟
العالم الذي تحوّل وتغير يحترم القوة. هو مستعد لنسف بلد من أجل تدمير طالبان، وهو على استعداد للحوار مع الطالبان(؟)
والحكمة اليوم، ليست هي بالضرورة في سلك طريق عدم الانحياز للعولمة ، ولكن في تقديم البديل عن الخمول. إننا نتحول ونتغير في خمول وباستقالة في الإرادة، وهو ما يمنع عنا تحقيق حلم الاستقلال في استغلال الإرادة.
وما يزيد الصورة قتامة، هو الطابع الدموي وصفات العنف التي تصاحب عملية التغيير، ما يزيد من احتمالات احتواء التغيير من الداخل والخارج وتحويل نتائجه الأولى إلى رصيد قوى المحافظين على عدم التحول.
لقد أصبح الخوف تجارة.. الخوف على الحدود القريبة والبعيدة والخوف من العدو غير المرئي والخوف من الخوف أن يجد بلد نفسه معزولا عن محيطه الجغرافي أو السياسي والخوف من اللااستقرار الداخلي..
وربما يكون أكبر خوف يصيب المنطقة بالشلل، هو خوفها من التغيير وتقديرها أن خمولها الذي يفسر على أنه جمود، أهون من حماقة إحداث تغيير قد يزيل ما كان قبله.
ليبيا القذافي رفضت التغيير وكانت تسخر من ثورة تونس. وهي اليوم تعد بالجمهورية الثانية.
سوريا عائلة الأسد، رفضته وكفرت به. وهي تدلل اليوم بمشروع إصلاح النظام.
فالأنظمة لم تستفق من خمولها إلا بعد اشتعال نار الغضب، على أبواب قصر الحاكم. وهو ما يفسر الحذر وعدم الثقة في صدق نوايا الإصلاحات التي تأخر الإعلان عنها إلى ما بعد سقوط الضحايا  وتعميم المواجهات.
والترويج للصورة التي تعكس حالة ليبيا، من قبل الروس لأغراض محددة، تتجاوز إلحاق الضرر بصورة نظام القذافي. فالإعلام المهيمن عالميا، يقوم بالتعميم على جميع العرب، من دون تمييز،  خدمة لمصالح مشروعة في نظره.
فما هي قيمة تصغير العرب واحتقارهم؟
أول أمر، هو أن العرب ذاتهم يتحولون إلى مدمنين لتلك النظريات التي تصغر من شأنهم، وتقنعهم بأنهم عديمو الكفاءة. وثانيا، هو ترسيخ فكرة فقدان سيادة القرار والإرادة..
إننا نسهل من مهمة تصغيرنا ونساهم في ترسيخ الضعف والهوان كخصلة عربية.

 hakimbelbati@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)