الجزائر

هذا الأسبوع ''تطور يمتطي تخلفا''



 تم إلغاء عقوبة حبس الصحفي بسبب ما يكتبه..و فرحت الحكومة بهذا الإنجاز الحضري .
ليس لنا أن نفتخر في 2011 بتأخرنا في مجال الحريات. لقد تم تشييد ديمقراطية تقوم على الأرقام و على الاحصائيات ونفتخر دائما بإنجاز عشرات الأحزاب وعشرات النقابات وعشرات الصحف والآلاف من الجمعيات . لقد تم إلغاء عقوبة الحبس، لكن  هل تجاوزنا الأسباب التي دفعت بالسلطة الى التهديد بالحبس؟
عندما تم تعديل قانون العقوبات عام ,2001 كان هدف صاحب النص (الحكومة) هو وقف تصاعد تأثير الصحافة المكتوبة.ووضع سقف يمنع من تزايد تنامي سلطة القلم .وكأن السياسي قدّر بأن المرحلة الجديدة سيكون فيها الكتّاب هم الخطر الذي يهدد الاستقرار. و الأمر المثير في عملية الإلغاء منذ الإعلان عنها، هو ركن النقاش في مزايا رفع العقوبة والإطالة في الشكر لأصحاب المبادرة، مما جنّب الموضوع الدخول في عمق المشكلة، وهي تناول طبيعة هذه الحرية في التعبير، التي لا تعني الصحفي والإعلامي أو الكتّاب، جامعيين أو روائيين.
ما هي قيمة حجب المعلومات عن المواطن؟
كان يفترض من النقاش أن يتناول في العمق قضية عدم حجب المعلومات عن المواطن، لأن منع الصحفي ومنع الصحيفة من نشر معلومات، الهدف منه تفادي وصولها الى المواطن وليس منعا لوصولها الى الاعلامي.
و لأن الجو ومحيط ممارسة الحريات ملوثا، هناك دراسات أكاديمية جريئة، تناولت مواضيع حساسة، لكن يخشى أصحابها من نشرها تفاديا لأنواع الانتقام الاداري. كما يتعرض كتّاب جامعيون لمضايقات بسبب مقالات في الصحف. لا أقول من يحمي هؤلاء. فكل كاتب يعرف مخاطر الكتابة. وإنما من يلتفت من السياسيين والمشرّعين الى الموضوع المؤجل دوما؟
وحسب التنظيم الجديد الذي أقرّته الحكومة في جوان الماضي، حيث كلفت وزير الاتصال بمهام ضبط ما ينشر في الأنترنت يمكن توقع أن يكون للضبط معنى التحكم ومعاني الرقابة على الرأي . فـ الرأي المكتوب هو المشكلة.إن ما يقال وما يتم تداوله شفويا لا يزعج وينظر إليه على أنه من سمات حرية التعبير، لكن ما يكتب هو أمر آخر.
لدى كانت نظرة السلطة لمسألة حرية التعبير ذات مستويين.الأول يشجعها لتكون حرية تعبير باللسان . والثاني يضبط المكتوب لحد الاختناق. والتقسيم على بساطته بين الكتابات الصديقة وأخرى عدوة أثبت فعالية في وقف تنامي قوة الصحافة.  
إن قضية ما يكتب وما ينشر هي قضية مجتمع، لأنها تمس بالابداع، وهو ما يجب أن يلقى الاهتمام والرعاية لتوفير شروط ازدهار الكتابة. والمبادرة بإلغاء الحبس هو عربون لما تم الوعد به من إصلاحات ، لكنه عربونا محدودا كونه تجاهل جوهر المشكلة السابقة على عقوبة الحبس. وتعكس حدود الاستجابة لمطلب من بين مطالب الحريات وهو أحد مؤشرات محدودية المشروع. وإذا نظرنا بواقعية يمكن الاعتراف بأن ما تقوم به السلطة من جهد هو كبير مقارنة مع طبيعتها، هو كبير ويتجاوز درجة إيمانها به. والحقيقة، فإننا نقفز قفزة كبيرة وسيلتها بساط الريح يحملنا الى 2001 .. قفزة تمتطي التطور بالتخلف.
إننا نتخلف حتى عن معاني الاحتفال بشواهد هي معالم الأمة.لقد مر عام آخر على عيد الاستقلال والشباب و كأننا في حداد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)