الجزائر

هجوم جيش إسرائيل البري والوقوع في مصيدة المقاومة


بقلم: الطيب بن إبراهيم
يقال آخر العلاج هو الكي هذا المثل يطلق على آخر حل يستعمل من بين الحلول المتاحة لحل لأي معضلة وعادة ما يكون هو الحل الأصعب والذي لا مفر منه وهذا الحل الأصعب هو الذي اضطر إليه الجيش الإسرائيلي مرغما بعد المذلة والإهانة التي ألحقت به ممثلة في عدد قتلاه ومختطفيه من طرف بواسل شباب المقاومة .
منذ أن انسحبت إسرائيل من غزة آخر مرة صيف سنة 2005 لم تتمنى أن تطأ أقدام جنودها هذه أرض مرة أخرى لأنها مستنقع دموي لإسرائيل ونذير شؤم لجنودها فبرغم صغر حجم قطاع غزة لكنه بالنسبة لإسرائيل كبير وخطير بردود فعله وهو يمثل كابوسا يجب تجنبه قدر الإمكان ولا يتعامل معه عسكريا إلا من بعيد عن طريق سلاح الجو والقصف المدفعي دون التوغل البربري والالتحام مع رجال المقاومة.
*وحشية الاحتلال
لقد اعتاد الجيش الإسرائيلي قتل الفلسطينيين عن بعد بطائراته الحربية والمسيرة وبصواريخه أو من خلال دباباته ومدافعه وزوارقه وهكذا يضمن تفوقه ويضمن الحاق الضرر بالطرف الآخر دون أن يكون شريكا له في الإصابة. لكن بعد غزوة طوفان الأقصى التي فاجأت إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي وفاجأت الرأي العام العالمي بمستوى تخطيطها وبسرعة تنفيذها وبسرية إعدادها وبنتائجها وعدد ضحايا وأسرى الجيش الذي لا يقهر لم تجد إسرائيل مفرا من كابوس الاقتحام البري لغزة وأصبح نتنياهو مرغما على ذلك لا بطل وحاول أن يسوق مبرراته لمنتخبيه وأن ذلك يهدف لتحرير الرهائن الإسرائيليين وثانيا للتخلص من حركة حماس نهائيا وثالثا لإنهاء المقاومة ونزع سلاحها.
لم تبدأ إسرائيل بشن هجومها البري على غزة مباشرة بعد غزوة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر بل أخرت ذلك لمدة ثلاثة أسابيع لتكون كافية لدكّ حصون المقاومة في غزة كعمل تمهيدي لهجومها البري الذي انطلق يوم الجمعة 27 أكتوبر 2023.
وإذا كانت إسرائيل تعتمد اعتمادا كليا على قواتها الجوية والصاروخية في تحقيق الانتصار وإلحاق الدمار بالخصم وتكبيده أفدح الخسائر في الأرواح والمعدات والممتلكات فإن المقاومة على نقيض ذلك ترى أن اقتراب الخصم والالتحام به فرصة لا تقدر بثمن وهي أمنية أي مقاوم فالخصم أصبح بين يديه وقرب عينيه ورغم تدججه بالسلاح فالمقاوم يباغته من بين يديه ومن خلفه ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه فهو يعرف حقيقة شخصية الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح وكيف يتعامل معه ويعرف شوارع وحارات وأزقة مدنه فالجندي الإسرائيلي في مرمى أسلحته فهي فرصة يجب اغتنامها بمعنويات قتالية عالية.
* على ارض الميدان
يُعَد الوصول إلى قتل جندي إسرائيلي بعيد المنال ونادرا ما يحدث وذلك لبعد المسافة بين قطاع غزة وأماكن تواجد الجيش الإسرائيلي ولوجود نقاط المراقبة والحواجز والسياج الحدودي بينهما وحرية اطلاق النار وقتل أي مشتبه فلسطيني. لكن عندما تصبح المواجهة مباشرة وفي مساحة ضيقة وفرصة التسلل بين خراب وحطام المباني وأزقتها تكون فرصة تدمير مركبات الجند ودبابتهم والإجهاز عليهم أسهل. وهنا يُظهِر المقاوم بسالته وشجاعته ووطنيته ورده على عدوه الذي جاء بقدميه إلى باب داره وهنا نرى تساقط عشرات الجنود الإسرائيليين يوميا رغم تكتم إسرائيل عن ذلك وهذا ما جعل عدد خسائر جيش الاحتلال تفوق ما توقعه. لقد تجاوز عدد قتلى الجيش الإسرائيلي أربعمئة قتيل منذ 7 من أكتوبر الماضي منهم أكثر من مائة جندي وضابط في هجومه البري ولم نتعود على قتل سبع أو ثمانية جنود وضباط صهاينة في يوم واحد وذلك أصبح يتم بفضل المواجهة البرية وحرب الشوارع. ومع ذلك تم الاعتراف بعدد القتلى من الجنود والضباط في الأيام الأخيرة على وتيرة متسارعة رغم فارق العدد والعدة ولأول مرة يعلن عن قتل ابن قائد كبير في الجيش الإسرائيلي في غزة إنه نجل غادي أيزنكوت رئيس أركان جيش إسرائيل سابقا وكيف تواترت الأخبار على الجنود الذين تفحموا في دبابتهم وكيف تم تفجير مركباتهم وكيف تم تفجير الأنفاق من تحت أرجلهم وكيف تم تفجير جدران بقايا البيوت على رؤوسهم وكيف من مسافة الصفر تم اطلاق النار على رؤوسهم وكيف تم استدراجهم إلى نقاط حتفهم. وكيف تم مساء يوم الجمعة 8 ديسمبر الإعلان عن نقل أربعين عسكريا مصابا دفعة واحدة إلى مستشفى سوروكا العسكري الإسرائيلي إنها غزة العزة.
ومع ذلك فالعدد الذي يعلن عنه أكيد أنه ليس العدد الحقيقي والعدد الحقيقي قد يكون ضعف ذلك إن لم يكن أضعاف إنه التوغل البربري الكابوس المفزع لجيش إسرائيل والمستنقع الدموي وقد أصبح عدد القتلى من العسكريين يفوق عدد الأسرى الذين كان الجيش يريد تحريرهم والجيش يريد الانسحاب لكنه يبحث عن قشة الغريق ليبرر بها انسحابه!!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)