يبدو أن الاهتمام بالطفولة المسعفة لم يعد محصورا على الشريحة المعنية التي تخرج في كل مرة عن صمتها، للمطالبة بحقها في الاحترام والاندماج في المجتمع، أو في الجمعيات أوالأخصائيين القانونين، وإنما حتى الكتاب الذين أثار اهتمامهم هذا الموضوع، واختاروا تسليط الضوء على هذه القضية، على غرار الكاتبة سامية بوغرنوط التي فضلت التعبير عن معاناة هذه الشريحة بطريقتها الخاصة.التقتها "المساء" مؤخرا لدى مشاركتها في المعرض الدولي للكتاب "سيلا 2018"، بمناسبة طرحها لإصدار جديد تناولت فيه قضية الطفولة المسعفة، و حمل العمل بين دفتيه قيمة إنسانية ورسالة نبيلة مفادها "أن هوية الإنسان الحقيقية ليست في اسمه، وإنما بإنجازاته وبصمته التي يتركها في الحياة .
الدافع إلى الاهتمام بموضوع الطفولة المسعفة من الكاتبة ، راجع إلى شغفها الكبير بدراسة كل القضايا ذات الطابع الاجتماعي، فبعد روايتها الاجتماعية "رحلة العمر" و«منهاج التربية"، هاهي اليوم تطرح موضوعا آخر يتعلق بشريحة هامة، تعاني في صمت بسبب تهميش المجتمع لها وتحميله مسؤولية عمل لم يكن له أي ذنب فيه.
الإصدار جاءت بعنوان "رواية بلا عنوان"، تحكي فيه الكاتبة مصير طفلة ترعرعت في كنف عائلة جعلت منها سيدة ناجحة، الطفلة البطلة التي يراها المجتمع بكل أطيافه نتاج خطيئة لا تغتفر وذنب كبير، لتبدأ رحلة وجعها الذي يدوم ثمانية وعشرين سنة، وينتهي بولوجها عالم الكتابة، فتقرر كتابة قصة حياتها لتكون رسالة سامية لتلك الفئة من المجتمع التي ألبسها القدر ثوب اليتم والمعاناة، حيث ركزت الكاتبة على إشكالية تحميل الغير مسؤولية اجتماعية أو أخلاقية لا يد له فيها، حيث يعتبر ضحية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
حاولت الكاتبة من خلال "رواية بلا عنوان"، أن تخوض الجوانب النفسية والاجتماعية، من خلال استظهار بعض القيم التي تعكس مكارم الأخلاق، بالاعتماد على الوعظ والإرشاد والتوجيه، و تعد حسبها "تجربة فريدة من نوعها الهدف منها رفع التحدي عند بني من اختاروا التخلي عن صفة الإنسانية".
جاءت رواية "بلا عنوان" في سبعة فصول، انطلقت فيه الكاتبة من بوابة الضعف ليبلغ خاتمة النجاح، حيث عرجت بإحداثيات زمنية ومكانية تصور نقاطا للتحدي، وأخرى لتحمّل الوجع، وتمكنت بقوة أدبها الذي اعتمدت فيه على توظيف المجاز وصفا وتصويرا، من إسقاطها على أدوار الشخصيات المستحضرة للعمل.
و حسب محدثتنا، فإن روايتها عبارة عن دعوة لإشراك القارئ في الحياة الاجتماعية، وجعله ينظر للقضايا الحساسة بنظرة الحكمة والعقل، عوض النظرة القاسية والمجحفة والمهمشة التي توحي بأن له الحق في الحكم على الآخرين، وتحميلهم أخطاء لم يرتكبوها، وهو ما جاء في خاتمة هذا العمل الروائي الذي يجعل القارئ يبحث في خلجاته عن تسمية لهذا الوجع وهذه الأحداث، ليجد في الأخير أن العنوان الحقيقي للرواية ذكر على عتبة نهايتها، وهو الطفولة المحرومة.
للإشارة ، حصلت الكاتبة سامية بوعزنوطعلى تكريم عن إصدارها "رواية بلا عنوان" من المجلس الأعلى للغة العربية، نظير الجهد المبذول في معالجة قضية من القضايا التي لا زالت من الطابوهات في المجتمع.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : رشيدة بلال
المصدر : www.el-massa.com