ونحن نقتفي أثر خمسين عاما من ذكرى استقلال أضحت هي ملاذنا الأخير للوقوف في وجه «ربيع عربي» يسعى لإعادة التاريخ ل«سارق» عهده ونحن هنا في تلك المحطة نتمسك بقشة أمل بأن ذكرى استقلالنا يمكن أن تكون صمام أمان وإيمان، قرأت رسالته.. والأصح وصيته.. وصية عمرها خمسة وخمسون عاما، رحل صاحبها، لكنها مازالت تراوح مكانها وتبكي شهيدها بحثا عن وارثها الذي لم يظهر له خبر..
صورة لشاب في «ربيع» العمر ببذلة عسكرية، وجدها أحدهم في جيب جثة كانت غارقة في دم طاهر، كان الدم دم صاحب الصورة المجهول وكان مع الصورة التي لا تحمل من عنوان سوى تاريخ العثور عليها في جيب جثة صاحبها في سنة 1957، رسالة باكية، من شهيد مجهول خذله القدر في إيصالها إلى والدته بعدما كُتب عليه أن يرحل وفي سترته وصية لم تصل، وصية فيها من الشوق ومن الحرقة ومن لوعة الفراق ما يكشف أي ثورة وأي «خلق» هؤلاء الذين حملوا أكفانهم فوق أيديهم في سبيل حرية وطن تخلى فيه مثل شهيدنا المجهول عن حضن أمه ودفء «زهيرة وياقوته والمختار» وهم على الأرجح إخوته الذين عثر على أسمائهم في الرسالة التي لم تصل..
مواطن من أم الطوب بسكيكدة نشر «نعيا» يبحث فيه عن عائلة شهيد من الميلية أو الطاهير ليسلم لهم أمانة وجدها والده المجاهد سنة 1957 بجيب شهيد بالمنطقة المسماة زكرانه بنواحي أم الطوب، والمتمثلة في صورة للشهيد ومعها رسالة مؤثرة جدا أرادها أن تصل إلى أمه يوم العيد لكنها لم تصل لأنه لقى «استشهاده» من أجل عيدنا، فمن منكم لم يبك ومن منكم مازال يزايد علينا بتضحيته؟
بل سعوا إلى رهن مستقبل الأجيال باعتماد سياسة الاستدانة التي أثقلت كاهل الجزائريين بعشرات المليارات من الدولارات وعشرات أخرى من المديونية، وذلك ليقينهم أن لا أحد يمكن أن يتجرأ ليسألهم عما يفعلون.
قد يقول قائل بافتخار، إن الجزائر اليوم قد تعافت من ديونها ومديونيتها إلى حد ما، لكن لا أحد يقول لنا بأي ثمن تم تسديد تلك المبالغ الهائلة من مال الأمة؟ إن غياب دولة الحق والقانون تجعل مثل هؤلاء العابثين لا يعبأون بما تسببوا فيه للأمة من مآسي لأنهم بكل بساطة فوق سطوة القانون، فغيرهم يسأل عما يفعل وهم لا يسألون.
والمتتبع لما تفعله حكوماتنا يكاد يجزم أن لا أحد يفكر في مصير هذا الشعب، بل الكل منهمك في الاشتغال برعاية مصالحه الخاصة تحت يافطات الوطنية تارة والدفاع على الجزائر تارة أخرى، بل وصلت الجرأة بأحدهم أن صرح بتبجح ودون حياء أنه «لولا التزوير لما بقيت الجزائر واقفة»، فمتى كانت خيانة أمانة الأمة فضيلة يا الله؟
إن أي برنامج أو خطة عمل لا تأخذ بعين الاعتبار الظروف الواقعية والتحديات المستقبلية على مختلف الأصعدة ضمن رؤية إستراتيجية محددة المعالم ذات مدى استشرافي تكون خلاصة دراسة علمية عميقة تستقرئ الواقع ولا تستثن مجالاً من مجالات الحياة، لا يمكن لها أن تخلص الجزائريين من الفقر والجهل والتبعية للغير، فضلاً عن تحقيق قيم العدالة والحرية والعيش الكريم. يأمل الجزائريون والجزائريات اليوم بمناسبة هذا الاستحقاق الانتخابي ل 10 مايو 2012 أن تكون ساعة الحقيقة قد أزفت لكي «يطرد» الشعب هؤلاء من الحكم ويثبت بدلهم المخلصين من أبنائه ممن هم أعلم وأقدر على خدمة الأمة والصالح العام، وليس ذلك على الله بعزيز، وليس ذلك على الشعب بعزيز.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/04/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أسامة وحيد
المصدر : www.elbilad.net