احترت وحار بي الدليل مع نفسي، أدعوها للطريق المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة، وتأبى إلا أن تطيع الشيطان، الذي يتلاعب بها كيف يشاء يمنة ويسرى، تحب الغناء وأنهاها عن ذلك بشدة وأقول لها: ألم تعلمي بأنه حرام؟ وأقرأ لها الآية: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ"، وأؤكد لها بأن ابن مسعود – رضي الله عنه- قد أقسم بأن المقصود في الآية الغناء، ولكنها تقول لي -أي نفسي-: إن الله غفور رحيم، وأنهاها عن النظر إلى المحرمات، وأقول لها الآية: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ" وكلما حاولت أن تغريني إلى الفواحش والحرام أستدل لها بالآيات أو الأحاديث، ولكن دون جدوى، ترفض إلا أن تدعوني إلى المحرَّم، ومع هذا كله إذا ذكر اسم الله وجلت وخافت، وإذا سمعت كلام الله اطمأنت، ومع هذا كله فإني أصلي وأصوم، فاكتشفت أن لدي انفصاماً في الشخصية، واحدة دينية وأخرى دنيوية، سؤالي: هل لانفصام الشخصية علاج؟ أرجو الشرح والتوضيح.
الجواب
أسأل الله تعالى أن يربط على قلبك وأن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك، وبعد:
ما تشتكي منه يعاني منه أناسٌ كثيرون، وعانى منه المتقدِّمون، والتوفيق كله من الله تعالى.
لا أتفق معك بأنك تعاني انفصامًا في الشخصية بناءً على ما أشرت إليه من حال نفسك، بل هذا صراع طبيعي بين النفس والهوى الذي يديره غالبًا الشيطان.
اطمئن من حال نفسك، وتأكد أنك قادر على تجاوز هذه المشكلة عبر الوسائل التالية:
1- - التوجه إلى الله تعالى وطلب العون منه جل وعلا في التغلب على ميل النفس إلى الهوى.
2- - تدريب النفس على قوة الإرادة، وضبط الانفعال والميول والرغبات، ولذلك فأنا أتوقع أنك تعاني من عدم قدرتك على الاستيقاظ متى ما أردت، وربما تترد في قول (لا) للشيء يطلب منك ولا تريد. هذان المظهران (مثلاً) إن وُجدا فيك فأنت تعاني من ضعف الإرادة وسيكون علاجها بالتدريب إن شاء الله.
3- - أكثر من الذكر وقراءة القرآن، وبخاصة أن نفسك تتأثر بذلك وترق له.
4- - فكر في العواقب؛ فإن الغناء والنظر إلى النساء بداية طريق موحش لنهاية يكرهها الله ويغضب عليها.
5- - تأكد أن ما تعاني منه أمر جبلي في كثير من الناس، فلا تُقلق نفسك؛ لكونه أمرًا غريبًا، ولكن ركّز على سبل التخلص منه والوقاية من أسبابه.
6 اجتهد في قطع الأسباب (الفرص) التي تتيح لك استماع الأغاني من خلال احتفاظك بأشرطة الغناء القديمة أو مجالسة من يستمع إليها دون مراعاة، وكذلك الأماكن التي يكثر فيها النساء أو مشاهدة البرامج التي تعتمد عليهن أو زيارة مواقع الإنترنت التي تروج لصور النساء، وإلا أصبحت كمن يرمي بنفسه في الماء ويحذرها أن تبتل.
ولك في نبي الله يوسف عليه السلام عبرة، حيث إنه خرج من مكان الفتنة حين راودته امرأة العزيز ولم يقل في نفسه أقف معها وأنصحها وأذكرها بالله تعالى ونحوه موقف الصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه حين وصله خطابٌ من ملك غسان الكافر يدعوه للحاق به وأن يرفع من محنته وقد هجره النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بعد تخلفه عن غزوة تبوك، فقد سارع إلى إحراق الرسالة حتى لا يتيح لنفسه فرصة النظر فيها ويقطع عنه وسوسة الشيطان أن يغريه باللحاق بالكفار وهجران المسلمين مع ما هو عليه من المحنة. انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
7- - حاول أن ترتقي باهتمامك وأن تجعل همك رضا الله تعالى.
8- - اجعل لنفسك مشروعًا كبيرًا يشغل بالك عن هذه الترهات، وليكن مشروعًا ينفع الله به من حولك من أهلك وإخوانك، أو أمتك، وكلما كان مشروعًا يقودك إلى الله تعالى فإنه أنفع لك، وإذا لم تجد مشروعًا محددًا فاجعل مشروعك الوصول إلى أعلى درجة في الجنة، إن هذا الشعور سينسيك دوافع نفسك وسيشغلك الأهم عن ما هو دونه، فلا تكاد تفكر فيه.
9- - لا تستسلم لنفسك ولا لرغباتها ولا تيأس؛ فإن اليأس لا يصنع شيئًا.
10 أكثر من الطاعات؛ فإنها كفارات لصغائر الذنوب، ومن شأنها إصلاح القلب والنفس.
11 تذكر أنك مهما وقعت في شيء من ذلك فإن باب التوبة مفتوح، والله جل وعلا أشد فرحًا بك، من فرحك أنت بالتوبة نفسها.
* اجتهد في قطع الأسباب (الفرص) التي تتيح لك استماع الأغاني من خلال احتفاظك بأشرطة الغناء القديمة أو مجالسة من يستمع إليها دون مراعاة، وكذلك الأماكن التي يكثر فيها النساء أو مشاهدة البرامج التي تعتمد عليهن أو زيارة مواقع الإنترنت التي تروج لصور النساء، وإلا أصبحت كمن يرمي بنفسه في الماء ويحذرها أن تبتل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/05/2011
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com