الجزائر

نظرة حادة مجرد مسكنات ألم



 لا أعرف لماذا يتحدث رؤساء بعض الأحزاب بأسف عن مشاريع القوانين المقدمة لما يسمى بالبرلمان، ويصفها البعض بأنها ناقصة والبعض الآخر بأنها ''ترقيعية''... وكأنهم عن حسن نية أو ربما عن سذاجة سياسية، ينتظرون أن يغير هذا النظام جلده وعاداته القديمة ويمنحهم غنيمة تغيير نفسه سلميا.
هذا محال!
ليس في تاريخ النظام الجزائري خصلة حميدة من هذا النوع. فمنذ ثلاثين سنة وهو يعيش على هذا النوع من المنشطات إن لم نقل على الحبوب ''المهلوسة''، كلما تحرك الشارع يداويه بالمهدئات، وكلما انعطف التاريخ يسبق الأحداث كي يقوم بتسييرها على طريقته. وكلما تم الضغط عليه من الخارج لفتح مجال ''اللعبة'' أو ''العلبة'' السياسية، كلما ضغط على أنفاسنا ليكتمها.
للذين لهم ذاكرة جيدة لا بد أنهم لم ينسوا التهويل الإعلامي والصخب والدردشات والوعود التي كان يطلقها النظام، منذ بداية الثمانينيات، حول مواضيع وهمية من نوع ''ملف السياسة الثقافية'' الشهير الذي تم قبره قبل أن يولد، ومشاريع الدساتير الوهمية المتغيرة مع الفصول والتي اكتشفنا متأخرين أنها لا تحظى بالاحترام مثلها مثل الشعب الذي يمكن العبث به في ربع ساعة.
ومثلهما كانت مشاريع الإصلاحات السابقة مضيعة للوقت والجهد وأموال الخزينة العمومية... وانتهى بنا كل ذلك إلى قتل الجزائريين لبعضهم البعض، وتفتيت الجبهة الاجتماعية، وتمييع الطبقة السياسية... وأصبحت الجزائر تحتل المراتب الأخيرة بين دول العالم في نوعية الحياة والمراتب الأولى في نوعية الفساد.
صحيح أن النظام الذي يحكمنا يعتبر ذلك إنجازا عظيما. فمهمته غير المعلنة ليست تطوير الجزائر وتوفير حياة كريمة للجزائريين، وإنما الإبقاء على الجزائر متخلفة، وتأجيل أي تطلع للجزائريين نحو حياة أفضل... هذا سيناريو استعماري قديم ومعروف.
وبالطبع، تدخل مشاريع القوانين هذه في نفس السياق: تلهية الناس لمدة معينة حتى تفعل المهدئات فينا فعلها... ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة.
من حظنا هذه المرة أن مطلب التغيير السياسي، وتحديث الجزائر، لم يعد مطلبا شعبيا فقط وإنما دوليا. وبعض رجال النظام يعرفون السيناريوهات الموضوعة للانتهاء معهم إلى الأبد، ولذلك سارعوا هم بدورهم إلى وضع سيناريو لنا كي ينتهوا معنا إلى الأبد. وقد اختاروا بنفس الذكاء الخبيث، أن يحافظوا على نظامهم الاستعماري القديم حتى ولو ذهبوا هم بفعل الأجل أو بفعل رياح التغيير التي تجتاح المنطقة. وهذا جوهر قوانينهم، فلا داعي إذن لانتظار أي شيء.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)