الجزائر

نظرة حادة عصابات مطلقة السراح



 المجتمع الجزائري أصبح في خطر، وأغلب الجزائريين يعيشون تحت رحمة عصابات الجريمة غير المنظمة. يخرج المواطن من بيته غير آمن على حياته، أما العيش في بعض أحياء المدن الكبرى فقد أصبح بالفعل مستحيلا، بل أن الطريق السريع شرق ــ غرب هو أيضا أصبحت العصابات تترصد عابريه.
هذا الارتفاع المتنامي للجريمة والسرقة والصعلكة والاحتيال، يعكس بالدرجة الأولى غياب كل مظاهر السلطة في المجتمع الجزائري، بل أحيانا تواطؤ بعض لابسي ثياب الدولة مع هؤلاء المجرمين، وكثيرا ما نسمع صدى هذه الخيانة على لسان الناس، الذين لا يكفون تلميحا وتصريحا على اتهام أجهزة الأمن بغضِّ الطرف أو التكاسل عن أداء الواجب.
بعض المحللين السياسيين يردون هذا الغياب إلى خوف رجال النظام من ثورة شعبهم عليهم، ولذلك أعطوا أوامر بعدم التحرش بأي محتجين أو متظاهرين أو قاطعي طريق... ومن الطبيعي أن أول من يستثمر في هذا الخوف هم العصابات المخيفة.
محللون آخرون يرون أن هذا طبيعي بالنظر لسياسة الإفراج غير المشروط للمساجين بلا حساب قبل إتمام العقوبة... وهو سخاء أشبه بسخاء تبذير أموال الخزينة العمومية التي هي ملك الشعب...
لم يعد دخول السجن عقابا على المساس بالأرواح أو الحق العام أو أملاك الغير، يقتضي الندم. بل مجرد سياحة في مراكز تتوفر على وسائل رفاهية غير متاحة للكثير من الجزائريين (رياضة، تلفزيون، أسرة وثيرة، استحمام...) وبالتالي لماذا يغادر المجرم هذه الرفاهية كي يعود (يا للتناقض؟!) منبوذا للمجتمع؟..
غير أن الرأي المنطقي في اعتقادي هو أن المجتمعات الخارجة من حروب وفتن تنتشر فيها ظواهر الفوضى والتعنتر لفترة معينة حتى تستقوي الدولة وتتحكم في الوضع. وهو ما يحدث حاليا فيما يسمى دول الربيع العربي، وحدث من قبل في البرتغال وبعض دول أمريكا الجنوبية بعد ثوراتها.
لكن المشكل الذي يواجه الجزائر حاليا هو أن نظامها السياسي لا يستطيع أن يكون قويا، ليس لأنه منتهي الصلاحية فحسب، وإنما لأنه خائف، ولا يستطيع النظام الخائف (مثل أي إنسان) أن يواجه خصما متجرأ عليه. ولذلك اختفى في ظله وترك الشارع للذين كسروا عصا الطاعة، يأكل الناس بعضهم البعض، وهو مستريح في كرسيه ما دام لا أحد يسأل عنه.
بل أن بعض رجال النظام هم أيضا دخلوا في هذا المأتم ''العصابي'' وأصبحوا من أثريائه لأنهم فضلوا المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية، واستغلوا مثل المجرمين خوف بعض رجالهم النافذين لتحقيق أغراضهم المشينة، وهي ظاهرة أكثـر إرهابا من ظاهرة الجريمة في المجتمع الجزائري.
ما الحل؟
ـ تنظيف هياكل السلطة وأجهزة الأمن من المتواطئين والمرتشين لأن بأمثالهم تجرأ المجرمون على الدولة...
ـ تحسيس المواطن أننا بدون دولة قوية سيكون الخطر أقوى لأننا سندخل عصر العيش في الغابة... وهو عصر حيواني يأكل فيه القوي الضعيف.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)