يسألني الكثير من القراء المتحمسين للتغيير نفس السؤال: ما العمل؟ وأجدني دائما أجيبهم نفس الجواب: فلنفكر معا!
والحقيقة أنني مثلهم أقف أمام هذه التساؤلات المصيرية حائرا: لماذا التغيير..ومتى .. ومن نغير.. وكيف؟!. ومع أنني أعرف أجوبة: لماذا.. ومن.. ومتى؟.. وأستطيع أن أجيب عليها فورا، ولكن جواب: كيف؟ وهو جوهري في هذا الوضع المضطرب يحتاج إلى تفكير جماعي. فعلى أساسه تترتب نتائج الأسئلة الأخرى. وهو أيضا السؤال المرتبط بالقوى الفاعلة وبالشرفاء في هذا البلد، وبآليات عمل وتنظيم جديين، وبتحالفات وعهود وفية لإرادتها في التغيير، وبمعطيات واقعية معقدة... خاصة أن يكون التغيير سلميا، وهذا انشغال الجزائريين، أي من يضمن أن لا ينزل العنف إلى الشارع، وأن لا ينتقم المشاغبون من أملاك الدولة، وأن نتحلى بالنزاهة والمسؤولية الكافيتين كي يتم التغيير دون دم ولا أحقاد ولا تصفية حسابات...
وبناء على ذلك: ما هي الخطوة الأولى التي نبدأ بها.. ما هي الشرارة التي تشعل النور لنرى الطريق أمامنا.. من يضع خارطة الطريق ويدير العمل.. ومن يحرس التغيير من تلاعبات السياسيين ومجموعات المصالح؟.. هذه التساؤلات كلها تتعلق بكيفية التغيير، وهي كما ترون يدور حولها خلاف كبير بين القوى الفاعلة، بل كانت السبب الرئيسي في فشل المسيرات التي تتوالى منذ بداية السنة وحتى اليوم، وقد لخص الكثير من أهل الرأي سبب الفشل بأن المطالبين بالتغيير هدفهم الوصول إلى السلطة لا غير... والحقيقة أن ذلك إجحافا في حقهم وانتقاصا من جهودهم، فهم على الأقل تجرأوا على وضع إرادتهم في الشارع، وقرروا إحراج السلطة ولو بالقليل الذي يستطيعونه، وحتى لو اختلفنا معهم حول الأهداف أو آليات العمل، فعلينا احترام وجودهم في الشارع أولا، وثانيا إذا ظهرت قوى وفعاليات أكثر تأثيرا في الشارع، عندها ـ كما تعرفون ـ يصبح كل شيء قابل للتفاوض والتصحيح. غير أن هناك الكثير من الجماعات الأخرى الراغبة في التغيير وتجديد الجزائر، لم تجد أطر تعبئة وتفعيل تسير وراءها في الشارع باطمئنان، ومنها جمعيات المجتمع المدني، ومجموعات الشباب التي بدأت تلتقي وتكبر على أرضية الفايسبوك، وهم جماعات نشطة إذا تابعنا كتاباتها ونقاشاتها نندهش لذكائها وإيجابيتها، وكذلك مجموعات المثقفين والفنانين والاطارات الاجتماعية (محامون، أطباء، أساتذة، طلبة...الخ) هؤلاء أيضا لهم تأثير أساسي في التغيير... غير أن كل هذه المجموعات تنتظر ظهور قيادة تضع خارطة طريق، وتدير آليات التغيير، وتحرس النتائج من تلاعبات السلطة ومجموعات المصالح.
تعالوا نفكر هذه المرة في الاطار العام لكيفية التغيير، وبعدها ستبدأ الآليات في الظهور رويدا رويدا.
أولا: كي نكسب ثقة الشعب، وكل الذين تحدوهم إرادة التغيير، على الذين يضعون أنفسهم في قيادة التغيير أن لا يكون طموحهم الوصول إلى السلطة.
ثانيا: أن يتحلوا بالوعي الكافي لتجاوز خلافاتهم الشخصية، وأن لا يسمحوا لقوى أخرى للتأثير سلبا على قراراتهم أو تتلاعب ببرنامجهم.
ثالثا: أن تكون المطالب واضحة ومتفق عليها. وأعتقد أنني أوضحت بعضها في مقالات سابقة، كما أن بعض الشخصيات الوطنية الداعية للتغيير شرحت ذلك على أعمدة الصحف. ولكن من يقوم بهذه الخطوات الثلاث لتعبئة الإرادات وقيادتها بثقة واطمئنان؟ هذا السؤال لا داعي للتسرع في الإجابة عليه حاليا، فبقدر ما تنضج الأفكار، وبقدر ما تخطئ السلطة في تقييم رغبة الناس في تغييرها سلميا، بقدر ما تلتقي الإرادات الشريفة، وتتسع الرؤية. من جهتي، أنا آخذ بنصيحة صديق موهوب في الطبخ، يقول عن التغيير أنه مثل فن الطبخ مواد غذائية أساسية، وتوابل، ووقت كاف للطهي وشهية مفتوحة... ثم قال: هل تدري ماذا ينقص كي لا ينجح كل الناس في إعداد طعامهم اللذيذ؟ وأجاب: اليد المباركة.. وهذه هبة من ال
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/06/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : عبد العزيز غرمول
المصدر : www.elkhabar.com