الجزائر

نصر الدين بغدادي يحاضر على هامش فعاليات مهرجان أغنية الشعبي حسيسن الوحيد الذي أسس أسلوبا مغايرا للمدرسة العنقاوية



نصر الدين بغدادي يحاضر على هامش فعاليات مهرجان أغنية الشعبي                                    حسيسن الوحيد الذي أسس أسلوبا مغايرا للمدرسة العنقاوية
أكّد نصر الدين بغدادي الباحث المختصّ في الموسيقى الجزائرية الكلاسيكية، أنّ الطابع الشعبي الذي تشكّلت شخصيته الحالية بداية من سنة 1949، بفضل محمد العنقى الذي عمِل بذكاء متميّز على إدخال آلات موسيقية غربية لتخضع للنوتات المحلية المستمدة من الموسيقى الأندلسية، وتقديمه بأداء متفرّد صبغته اللكنة الأمازيغية التي ميّزت معظم أغاني مطربي الشعبي، الذين اّتبعوا أسلوب العنقى. مشيرا إلى أنّ المطرب حسيسن كان الوحيد الذي خلق أسلوبا مغايرا لكنّه لم ينل نصيبه من الترويج والدعاية.
قال بغدادي الذي يشغل منصب مدير الأرشيف بالإذاعة الجزائرية، أوّل أمس في محاضرة نظّمت في إطار فعاليات المهرجان الوطني لأغنية الشعبي بالمعهد العالي للموسيقى بالجزائر العاصمة، أنّ الموت المبكر الذي غيّب المطرب حسيسن المتوفى سنة 1958 وهو في التاسعة والعشرين ربيعا، كان السبب الرئيسي في عدم بروزه على الساحة الفنية، رغم أنّ له العديد من التسجيلات في الإذاعة يحوزها الأرشيف ويعتبره المتتبّعون ظاهرة فنية، بحيث كان الوحيد الذي صنع لنفسه أسلوبا آخر في أداء أغنية الشعبي عن المدرسة العنقاوية، بالإضافة إلى استدعائه من طرف الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، الأمر الذي جعله ينشغل بحيثيات الثورة والكفاح ولا يتفرّغ بالكامل لأغنية الشعبي. وأشار المتحدّث إلى أنّ العنقى هو الذي أعطى للشعبي شخصيته المستقلة عن باقي الطبوع، وأنّه كان موجودا قبل 1949، إذ تمّ العثور على تسجيلات إذاعية للعديد من الأصوات سنة 1900، وكان يسمى هذا الطابع ب«المغربي” أو “المدح”، وذكر أنّ طابع الشعبي لاحت بوادر ظهروه مع نزوح سكان القبائل بحثا عن العمل نحو القصبة بسبب بطش الاحتلال، ويرى أنّه من الناحية الموسيقية من المستحيل أن يبقى هؤلاء يتعاطون مع الأغنية الكلاسيكية، كونهم غرباء عن المنطقة ويتكلّمون بلغة أخرى ولهم روحهم الفنية الخاصة بهم، لذلك كان لابدّ من موسيقى أخرى، هذه الموسيقى التي عمِل محمد العنقى على استخلاصها بذكائه من التراث الأندلسي واعتمد على اختزال الجمل الموسيقية وتغيير بعض الكلمات الصعبة، ويرى أنّ اللكنة الأمازيغية في أداء أغنية الشعبي كانت عاملا في تجاوب سكان القبائل مع هذا النوع من الموسيقى وتأثّرهم بالمغاربة الذين يتحدّث معظمهم اللغة الأمازيغية وفي تأديتهم لطبع المديح أو المغربي لوحظ تواجد تلك النبرة.
وحسب المتخصّصين، يقول بغدادي، فإنّ الفترة الممتدّة من 1949 إلى 1962 تعتبر بحق العصر الذهبي لأغنية الشعبي، بسبب سياسة العنقى التجديدية والمحفّزة في أوساط المطربين، إذ كان يقود جوق الشعبي بالإذاعة الوطنية وقتئذ. وأفاد المحاضر أنّ العنقى بدأ مقلّدا وكلاسيكيا وسرعان ما وجد لنفسه طريقا، وكان في كلّ مرة يبدع بأفكاره بداية بخلق جوق خاص، ثم إدخال آلات موسيقية غربية، والإيقاع بآلة الدربوكة، وكان قد طلب من الإسباني ميليدو أن يصنع له آلة بانجو خاصة تكون أكبر من تلك المعروفة بأمريكا حتى يتسنى له الاستفادة من مساحة موسيقية أكبر، موضّحا أنّ هذه الآلة قد شاهدها في ألمانيا وتعود أصولها إلى القرن الخامس عشر إلاّ أنّها تختلف في الشكل فقط ولكنّها تحمل نفس الأنغام.
وأكّد المتحدّث أنّ أغنية الشعبي عرفت ركودا في سنوات الثمانينيات، وأنّ تاريخه عرف مجدّدا فذّا واحدا ويتعلّق الأمر بمحبوب باتي الذي كانت له إضافات مميّزة في “ريبرتوار” أغنية الشعبي سواء من حيث الموسيقى أو من حيث القصائد، وأنّ كمال مسعودي هو المجدّد الوحيد بالنسبة للجيل الجديد، معقبا على من ابتكروا ما يسمى ب«نيو شعبي” أو “الشعبي الجديد”، بأنّهم مخطئون في طرحهم إذ لا يستندون إلى أيّ قاعدة موسيقية سليمة، واعتقدوا عبثا أن تغيير شكلهم سيمنحهم التميّز، محمّلا في السياق الصحافة التي كرّست لمثل هذا النشاز.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)