جاء إعلان المدير العام لمؤسسة „"بيجو الجزائر“، السيد بيار فوري، أول أمس، عن مشروع تركيب السيارات النفعية بالجزائر بداية من 2013، ليعيد بعث النقاش حول مصداقية الأخبار التي تداولتها مؤخرا وسائل الإعلام الفرنسية بخصوص رغبة المؤسسة الفرنسية „بيجو- ستروان“ في الظفر بعقد شراكة مع الجزائر يعيد لها توازنها الاقتصادي والمالي، وينقذها من الأزمة الحادة التي تمر بها منذ أشهر.
ففضلا عن الترحيب الكبير الذي لقيته الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام المتخصصة قبل أيام حول احتمال دخول الجزائر في رأسمال المصنع الفرنسي „بيجو-ستروان“ من قبل عمال هذا الأخير، ولا سيما منهم المهددين بالتسريح الذي قد يطال أزيد من 12 ألف عامل منهم قبل 2014، فإن المؤشرات الاقتصادية والمعطيات الخاصة بتطور نشاط هذه العلامة في الجزائر، تبرز أهمية خيار دخول هذه المؤسسة بشكل أكبر وأهم إلى السوق الجزائرية، وإنجاز مصنع لتركيب السيارات بالجزائر التي تعتبر من أبرز الأسواق الواعدة في شمال إفريقيا والعالم، لاسيما وأن المصنع الفرنسي الذي يحتل المرتبة الثانية في أوروبا بعد الألماني „فولكسفاكن“ تمكن خلال ال10 اشهر الأولى من العام الجاري من تسويق نحو 54500 سيارة، رافعا بالتالي مستوى مبيعاته بالجزائر بنسبة 93 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وإذا كان الحديث عن دخول الجزائر في رأسمال علامة „الأسد“ قد تلاشى بعدما ترك آثاره في الأوساط الاقتصادية الفرنسية وبشكل خاص لدى مسؤولي المؤسسة في فرنسا بفعل الرد „القاتل“ للممثل الشخصي للرئيس الفرنسي المكلف بمتابعة ملفات التعاون الاقتصادي بين الجزائر وفرنسا السيد جان بيار رافاران، الذي أكد بأن موضوع „بيجو- ستروان“ لم يتم طرحه تحديدا خلال النقاشات التي جمعت الطرفين بخصوص مسائل الشراكة“، إلا أن العديد من المتتبعين لا يستبعدون إمكانية طرح الموضوع بجدية خلال المواعيد اللاحقة التي ستجمع مسؤولي البلدين حول ملف التعاون الاقتصادي والفرص المتاحة أمامهما لدعم الاستثمار والشراكة بين المؤسسات الجزائرية والفرنسية، حتى أن كثيرين يتوقعون طرح هذا الموضوع بمناسبة الزيارة المقررة بعد يومين للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر.
وفي سياق ذي صلة، ترى بعض الأوساط الفرنسية أن لجوء السيد رافاران إلى تفنيد الأخبار التي تم تداولها حول احتمال دخول الجزائر كشريك مساهم في رأسمال المصنع الفرنسي „بيجو - ستروان“، يمليه واجب عدم التشويش على المصنع الغريم „رونو“ الذي تقدمت مفاوضاته مع الحكومة الجزائرية بشأن إنجاز مصنع لتركيب السيارات بالجزائر، وقد ذهب البعض إلى الحديث عن انزعاج مسؤولي شركة „رونو“ من الأخبار المثارة حول شراكة محتملة بين الجزائر و«بيجو- ستروان“، ورفضه لإثارة المنافسة بينه وبين غريمه حول الجزائر في هذا الظرف بالذات والمتزامن مع قرب دخول العقد الذي يربطه مع الحكومة الجزائرية حيز التطبيق، لاسيما وأن المفاوضات بين الطرفين حول مصنع „رونو“ لم تكن سهلة واستغرقت سنتين من الزمن، عملت الجزائر خلالها كل ما بوسعها لإقناع المصنع الفرنسي بكل الجوانب والحيثيات المتعلقة بالمشروع.
غير أن الجزائر التي ظلت تفاوض المؤسسات العالمية الكبرى من أجل استقطاب اهتمامها والاستفادة من خبرتها في دعم وتنويع الاقتصاد الوطني، ولم تكف في هذا الإطار عن تكييف تشريعاتها المرتبطة بالاستثمار من أجل تشجيع المستثمرين الأجانب على القدوم، ولاسيما منهم أصحاب الشركات الكبرى التي بإمكانها الاستفادة من الفرص الكثيرة المتاحة لها في إطار سياسة „رابح – رابح“، يبدو أنها تحولت إلى منقذ حقيقي لنشاط صناعة السيارات في فرنسا بفعل الواقع الصعب الذي تواجهه الشركات المتخصصة في هذا المجال، وما تتيحه السوق الجزائرية من منافذ وحلول من شأنها أن تكون المتنفس الحقيقي للشركات المتخبطة في الازمة، مثلما هو حال „بيجو - ستروان“ التي اضطرت إلى اعتماد مخطط إعادة الهيكلة الذي شمل غلق وحدات صناعية تابعة لها في فرنسا والتخطيط لتسريح 8000 عامل، وعدم تعويض 1500 آخرين بعد إحالتهم على التقاعد.
ويكفي أن مجرد إثارة أخبار حول احتمال دخول الجزائر في رأسمال هذه الشركة أدى إلى ارتفاع أسهمها في البورصة بنحو 7 بالمائة، فيما يؤكد الترحاب الكبير الذي لقيته هذه الأخبار في أوساط عمال „بيجو-ستروان“ وكذا بعض الاقتصاديين الفرنسيين، بأن الجزائر التي قد تكون بالفعل المنقذ للصناعة الميكانيكية الفرنسية، قد تتحول إلى بلد تتنافس عليه شركات تصنيع السيارات الفرنسية، بعد أن كانت „تتودد“ هذه الشركات للإقبال عليها، الأمر الذي سيعود بلاشك بفوائد كبيرة على الجزائر التي تجعل من تطوير صناعة السيارات أحد أهم محاور الإستراتيجية الصناعية التي تعمل على تجسيدها في إطار مسعى تنويع الاقتصاد.
تجدر الإشارة إلى أن شركة „رونو“ تتقدم „بيجو-ستروان“ من حيث المبيعات في السوق الجزائرية، حيث قامت خلال الأشهر ال10 الأولى من العام الجاري تسويق ما يقارب 57 ألف سيارة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/12/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م بوسلان
المصدر : www.el-massa.com