الجزائر

نساء بين مطرقة لقمة العيش وسندان العمل عندما تجرح الأيادي الناعمة



عرفت العديد من الورشات والمصانع، إقبالا كبيرا من طرف النساء، اللواتي دفعتهن الحاجة إلى البحث عن لقمة العيش، إلا أنهن يتعرضن لحوادث بسبب بعض الأجهزة والآلات الحديثة التي تحمل الكثير من المخاطر، لاسيما أمام انعدام التأمين ووسائل الوقاية قامت “الفجر” باستطلاع آراء بعض النسوة العاملات بمصانع مختلفة عبر ولاية العاصمة وضواحيها، حول مخاطر تعرضهن لحوادث في مكان عملهن، وبالأخص في  المصانع والورشات التي تكون أقل تأمينا مقارنة بالأماكن الأخرى، حيث وقفنا عند عدة أمثلة تروي معاناة بعض العاملات اللواتي وجدن أنفسهن بين ليلة وضحاها بعاهة مستديمة.من خلال استجوابنا لبعض العاملات بالمناطق الصناعية في العاصمة، وبالضبط في بلديات الرويبة، الرغاية وواد السمار، وجدنا معظمهن يعملن في مجال المواد الكيميائية في مصانع البلاستيك، الجلود، والعطور التي تمثل نقطة استقطاب هذه الفئة، والتي نتجت عنها حوادث كثيرة راح ضحيتها فتيات في مقتبل العمر.في هذا الشأن قالت منال، البالغة من العمر 20 سنة، تعمل بمصنع العطور بواد السمار، “الحاجة إلى المال وسوء المعيشة دفعاها إلى العمل من أجل مساعدة عائلتها”، وتضيف:”لقد حرق غراء التعليب جلد يدي فأصبحت منكمشة، وكأنها يد عجوز طاعنة في السن، ناهيك عن مصاريف العلاج التي استنزفت جيوبي”.وأضافت سيدة تبلغ من العمر30 سنة، تعمل بإحدى المطبعات بالرويبة: “تعرضت إلى قطع أصبعي بواسطة آلة قطع الورق، وهو الأمر الذي ولد لديّ عقدة بالنقص، فقد أصبحت أخجل من الجلوس مع الناس خشية رؤية إصبعي”.. وهو حال حياة، التي تبلغ من العمر 25 سنة، تعمل بصناعة المصنفات بواد السمار، حيث ثقبت إبرة إحدى الآلات إصبعها دون أن تحس بذلك، ما أدى إلى إصابتها بشلل على مستوى اليد.عاملات كثيرات تعرضن إلى مشاكل صحيةأوضحت الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى بعض الورشات، أن الفتيات اللواتي يعملن فيها يعانين مشاكل بصرية وأمراض صدرية.. إذ أكدت لنا سهام التي تعمل بورشة لصناعة الزرابي بزرالدة، أنها أصيبت بعجز بصري، بسبب بقائها لساعات طويلة أمام آلة النسيج، وهو نفس الوضع الذي ينطبق على إحدى الفتيات العاملات بورشة  التلحيم ببئرالتوتة، تعاني هي الأخرى من ضعف النظر نتيجة تعرضها لالتهاب بعينيها، والمشكل الأكبر هو عدم تمكنها من الذهاب للكشف الطبي إلا في أيام العطل، ما جعل صحتها تتدهور يوما بعد يوم.ولم تسلم بعض الفتيات من مخاطر هذه المصانع التي جعلت عملية تنفسهن على المحك بسبب رائحة الأدوية، وهو ما ينطبق على إحدى السيدات، 32 سنة، التي أصبحت تتنفس بصعوبة بسبب إصابتها بمرض صدري نادر يستدعي العلاج الدائم، وإلا قد يتحول إلى مرض خطير يودي بحياتها.مصانع وورشات تفتقر للأمن مقابل أجر زهيدتتسم بعض الورشات والمصانع بظروف عمل قاسية وغير ملائمة، علاوة على الأجور المتدنية التي ترضى بها النساء مضطرات. كما أنهن لا تتمتعن بأي ضمانات صحية أو خدمات، اجتماعيةحسب العديد من العاملات. وفي هذا الإطار تقول سيدة تعمل بورشة خياطة في تيبازة “إنها تتعرض إلى مخاطر يومية هي وزميلاتها، لأنهن يمضين كل يومهن في العمل، نتيجة قلة الإضاءة، ضعف التهوية وانتشار الروائح الكريهة”، والأكثر من ذلك فهن يتلقين أجرا زهيدا لا يكفي مصروفهن اليومي.من جهة أخرى أضافت السيدة (م.س) عاملة بذات الورشة:”مثل هذه الورشات تخلو من احتياطات وتأمين، كما أنهن لا ترتدين ملابس خاصة ولا تستخدمن أدوات واقية من مخاطر العمل”، مشيرة إلى أنها تعمل دون تأمين، كما أن صاحب الورشة يقوم بالصراخ المستمر  وتهديدهن بالطرد في حالة مطالبتهن بحقوقهن..! وأردفت أخرى تقول إن الورشة التي تعمل بها لا تحتوي أبسط أنواع أجهزة الأمان، كطافيات الحريق مثلا، أو أدوات الإسعاف الأولية.نقص الخبرة والاعتماد على آلات قديمة وراء تعرضن للحوادثتعتبر نقص الخبرة لدى بعض العاملات إحدى العوامل التي تتسبب في وقوعهن عرضة لبعض الحوادث، لعدم تلقيهن تكوينا وتدريبا في المجال، ناهيك عن انعدام مختصين يقومون بإعطائهن معلومات حول مخاطر هذه الآلات وكيفية تشغيلها.وفي هذا السياق، تقول سيدة تعمل بإحدى المصانع، إن ليس لها أي مستوى دراسي، على اعتبار أن وفاة زوجها المفاجىء أجبرها على العمل في مجال لم تكن تعلم خطورته، وهو ما جعلها تتعرض لحادث سبب لها تشوها على مستوى الرجلين. كما أن قلة صيانة بعض الآلات، كالدوائر الكهربائية أوالأسلاك المكشوفة تشكل خطرا على العاملات، فانعدام فحصها  مسبقا يعرضهن لحوادث في العمل،  فضلا عن عدم وجود مخارج طوارئ.. وعليه روت لنا فراح، عاملة بورشة خياطة، حادث حريق تسبب في إصابة عدة عاملات نتيجة ضيق المكان والاكتظاظ، وكذا وجود مخرج واحد صعب عليهن عملية الهروب..على العموم يعتبر العمل في المصانع والورشات خطرا حقيقيا، بسبب عدم توفر أغلب النسوة  المقبلات على التكوين والتدريب اللازمين، بالإضافة إلى استغلال بعض أصحاب العمل لهن بشكل   غير قانوني.  إيمان خباد


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)