تقف ندرة وغلاء المواد الأولية وغياب مساحات التسويق وضعف الحركة السياحية وراء عرقلة تطور نشاط الصناعات التقليدية في الجزائر، ناهيك عن الكثير من المشاكل الأخرى على غرار عدم قدرة البعض على دفع الضرائب في ظل ضعف نسبة المبيعات.وقامت «الشعب» بزيارة الصالون الدولي 20 للصناعات التقليدية للتقرب من الحرفيين أكثر وطرح انشغالاتهم، كما كان المعرض فرصة للتقرب من المواطن الجزائري ومحاولة جس نبضه حول واقع الصناعات التقليدية التي تعرف تطورا كبيرا لدى جيراننا، حيث فاقت صادراتهم نحو الخارج أكثر من 200 مليون دولار سنويا، بينما تبقى الجزائر بعيدة عن استغلال ما تملكه من إمكانيات لتنويع الصادرات خارج المحروقات.الإحصائيات بعيدة عن المردوديةتضم الجزائر حوالي 350 ألف حرفي وهو رقم معتبر يؤكد تجذر الحرف التقليدية في الجزائر، وانتشارها عبر ربوع الوطن ما يجعلها عاملا مهما للنهوض بالتنمية المستدامة وخلق مناصب العمل وتطوير مستوى معيشة السكان.وتقدر مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام بحوالي 170 مليار دج سنويا بينما تبقى المساهمات في الصادرات خارج المحروقات أمرا مجهولا، لأنها بعيدة كل البعد عن التطلعات، وقد تكون منعدمة في ظل حديث الكثير من الحرفيين عن بعدنا الكبير عن المعايير العالمية للوصول إلى صادرات جزائرية في هذا المجال.ويحدث هذا في ظل النجاحات التي حققتها تونس بعد أن رفعت نسبة مساهمة الصناعات التقليديةفي الناتج الداخلي الخام ب15 بالمائة مع جلبها لأكثر من 125 مليون دولار كعائدات من الصادرات نحو مختلف مناطق العالم.ويحدث هذا في ظل حديث الوصاية عن مواصلة الدعم والتكوين وتوفير مساحات التسويق وهي الشعارات والخطابات التي ظلت تتكرر على كل مسؤول استوزر القطاع، وحتى إنشاء كتابة دولة مكلفة بالصناعات التقليدية لم يعط ذلك الدفع اللازم لهذا المجال لتجاوز المشاكل والتموقع جيدا في سوق بإمكانها أن تلعب الكثير في الظرف الذي تعيشه الجزائر.وبالرغم من تأسيس العديد من الهيئات التي تعنى بالصناعة التقلية محاولتها جمع الحرفيين، وتحسيسهم بأهمية التكوين، والاستفادة من بطاقة الحرفي والانخراط في صناديق التأمين الخاصة إلا أن الواقع مازال يطرح الكثير من المشاكل.وقال غربي إبراهيم، مدير تطوير نشاطات الصناعات التقليدية في الغرفة الوطنية للصناعات التقليدية، بأن السلطات تسعى من خلال العديد من الصيغ مساعدة الحرفيين على تطوير نشاطهم عبر دعم مباشر وغير مباشربالتجهيزات من خلال منح قروض، موضحا بأن الحرفيين مطالبين بالسعي لتكوني أنفسهم خاصة في مجال التعرف على المقاييس العالمية التي تضمن لهم لوصول إلى التصدير وتحسين أوضاعهم وجلب العملة الصعبة للاقتصاد الوطني.وقال في حديث ل»الشعب» بأن السوق العالمية تعرف صرامة كبيرة فيما يخص منح علامات «ايزو» الخاصة بالجودة والمطابقة.ورجع بنا نفس المصدر إلى سنوات السبعينات، حيث كانت الزربية الجزائري تغزو السوق الألمانية بفضل الإبداع الذي كان يميزها «بينما اليوم فقدنا مكانتنا أمام زحف منتوجات الكثير من الدول على غرار السجاد الإيراني الذي يضمن حاليا عائدات ب4 ملايين دولار سنويا، أما نحن فنتوفر على العديد من الزرابي المشهورة على غرار زربية أولاد جلال وبابار وغيرها والتي يمكن أن نكتسح بها الأسواق ولكن من خلال احترام المعايير الدولية الخاصة بالتصميم وتقنيات الصنع وطرق التسويق.وتحدث نفس المصدر عن مساعدة الدولة للحرفيين من خلال تمكينهم من المشاركة في مختلف الصالونات الوطنية والمحلية بالمجان حتى يتمكنوا من بيع منتجاتهم.وأضاف بأن الحرفي يدفع 30 ألف دج ثمن تأمينه السنوي على أن يستفيد من بطاقة الشفاء وتقاعد في الخير يضمن له حياة كريمة، كما أن الضرائب تدفع على شكل نسب جزافية تراعي ظروف كل حرفي وهي الإجراءات التي قد تكون قاعدة صلبة لتطوير الصناعات التقليدية.منتجاتنا ليست لعب أطفالاشتكى الحرفي زين الدين محمد رايسي من سوق أهراس المختص في النحت على الخشب وصناعة مختلف السفن إلى النظرة الدونية والاحتقارية في بعض الأحيان للكثير من زوار الصالون، «حيث يحاولون بخص الصناعات التقليدية التي ننتجها، فقد تحدث معي شخص حول سفينة مصنوعة من الخشب استغرق إنجازها 7 أشهر وطالب مني خفض سعرها حتى يقدمها كلعبة لطفلي الصغير يتسلى بها».وأضاف نفس المصدر في حديث ل»الشعب» بأن الكثير من الأفراد يحتقرون الصناعات التقليدية وبالتالي لا يمكن أن نصل لتقييم منتجاتنا في الواقع.وقال في سياق متصل بأنه يملك آلة مستوردة من اسبانيا «تعرضت لعطب ومنذ أشهر طويلة وان أسعى للحصول على قطع الغيار دون جدوى وهو ما زاد من متاعبي،ومن المشاكل التي تعرقلنا الضرائب التي نكون مجبرين على دفعها حتى ولو لم نبيع، لأن التسويق عملية بطيئة جدا، وعليه اقترح ربط الضرائب بالمبيعات، كما أن اهتمام الأجانب بالمنتوج الوطني بعد الاطلاع عليه في صفحات «الفايسبوك» والأنترنت كبير ولكن المعايير العالمية تقتضي الكثير من الأمور التي لم نزل بعيدين عنها بعض الشيء فمثلا كنديون سألوني عن نوعية الخشب ومن أين جئت به وهو ما جعلني أستغرب بماذا أجيبهم؟ويأمل نفس المصدر في أن تعمم دورات التكوين في جميع التخصصات معترفا بوجود بعض التحسن في التنظيم الهيكلي. المادة الأولية ترهن مصير الحلي التقليدياشتكى الحرفي عبد الحميد بوحة من ولاية باتنة من ندرة وغلاء المادة الأولية وخاصة الفضة، حيث لا توفر الوكالة الوطنية للمعادن الثمينة المادة الأولية بالكميات المعتبرة والتي يحتاجها الحرفيين، وهو ما يدفعنا لاقتناء الفضة القديمة وتذويبها استغلالها في نشاطنا.وطرح نفس المصدر ل»الشعب» غلاء المادة الأولية التي تباع ب90 دج للغرام بينما يعتبر سعرها في الأسواق العالمية 40 غراما وهو ما يجعل منتجاتنا مرتفعة الشعر نوعا ما وبالتالي فتطوير الصناعات التقليدية في الجزائر يجب أن يكون عبر مراعاة مصلحة كل طرف.وثمن بالمقابل الدورات التكوينية التي استفاد منها حيث تحدث عن دورتين سمحت له باكتشاف العديد من الطرق الجديدة في الإبداع، ولكن يبقى رهان الوصول إلى التصدير صعبا نوعا ما. 65٪ من نحاسي قسنطينة اندثرواأشار الحرفي صالح مكي من قسنطينة إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض نحاسي قسنطينة في مواصلة نشاطهم حيث انسحب من النشاط أكثر من 65 المائة حسب معرفتي بسبب كثرة المشاكل والمتاعب الصحية والمادية التي وقفت حائلا دون تطوير صناعة النحاس.وطرح نفس المصدر ل»الشعب» مشكل توفير ورشات مناسبة لتطوير النشاط وكم كانت دهشتنا كبيرة عندما أكد لنا المصدر أن الورشة تقع في بيته بقسنطينة، داعيا إلى تسليم المحلات لمن يستحقها.وطرح نفس المصدر إشكالية المادة الأولية التي توقفت السلطات عن استيرادها منذ 1995، واستفرد بها الخواص حاليا وهو ما جعل المادة الأولية ليست بمستوى المادة الأولية السابقة ففرزها يتطلب مجهودات كبيرة.وعبر بالمقابل في رغبته أن تطال مشاريع «انساج» الصناعات التقليدية مع إلغاء شرط السن لأننشاطنا مهم وقادر على لعب دور كبير في الاقتصاد الوطني، مع إمكانية خلق مناصب عمل وفتح المجال التكوين للكثير ممن يرغب في تعلم المهنة.وتحدث صالح مكاوي، عن اهتمام الألمان بالمنتوجات الجزائرية لكن تبقى تلك الاهتمامات تفتقد للمتابعة ،وحدث هذا بعد النجاحات المتعددة التي عرفها النحاس الجزائري في معارض بتونس وفرنسا، حيث كان الإقبال كبير جدا. وتحدث الكثيرين عن جودة المنتوج الجزائري الذي لو يجد المساحات في الخارج لتمكن من تحقيق نتائج باهر، ويصبح موردا أساسيا للعملة الصعبة.وبرر بالمقابل ارتفاع أسعار المواد النحاسية بارتفاع تكاليف الإنتاج وغلاء المادة الأولية.ضعف الحركة السياحية وراء تراجع الصناعات التقليديةاشتكت لنصاري هدوية حرفية من تمنراست تنشط في صناعة الجلود من ضعف الحركة السياحية في الجنوب والتي أثرت كثيرا على عملية التسويق حيث قالت بان الحرفيين يجدون صعوبات كبيرة في مجال التسويق.ومن المشاكل التي تحول دون تطوير الصناعات التقليدية علاء كراء المحلات حيث يضظر الحرفي لدفع إيجار ب10 آلاف دينار دون أن يضمن بيع منتجاته وهو ما جعل الكثيرين يمارسون نشاطهم في البيوت أو في ورشات فوضوية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/10/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حكيم بوغرارة
المصدر : www.ech-chaab.net