إن فهم وتحليل التحوُّلات العميقة التي شهدتها العلاقات الدولية بنيويا وعلى مختلف الأصعدة والتي انعكست على الحقل المعرفي، تساعد في فهم طبيعة الأدوار التي باتت تؤديها الفواعل غير الدولاتية ذلك أن نظريات الحقل التقليدية، التي تستند إلى تصور مركزية الدولة كإطار تحليلي للنظام الدولي، ورغم أنها هيمنت في النصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها لم تعد ملائمة لفهم التغيرات الهيكلية الجارية في بنية النظام الدولي.
يعود ذلك إلى ظهور قضايا وموضوعات جديدة على أجندة السياسة الدولية، كالبيئة والصحة والتنمية الإنسانية، وتنامي مطرد لعدد وأدوار فاعلين جدد من غير الدول، والمرتبطة فيما بينها بنظم معقدة من التفاعلات، خلقت عمليات جديدة تتجه بالنظام الدولي نحو تقوية أطر التعاون والتكيف وتجاوز أطر الصراع والنزاع، وذلك من خلال مشاركة تلك الفواعل "المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، الشركات المتعددة الجنسيات، المجموعات الإبستيمية والمعرفية، إضافة إلى الجماعات اللاشرعية ومختلف تكوينات المجتمع المدني العالمي"، في ضبط تفاعلات المستويات المختلفة للسياسة العالمية، ضمن ما أصبح يعرف بالحوكمة العالمية لقضايا الاقتصاد العالمي، القضايا البيئية، والأزمات الصحية، وحقوق الإنسان الذي يعد المجال الأبرز الذي تلعب فيه المنظمات غير الحكومية دور القاطرة، سعيا منها لتأسيس نسق حقوقي عالمي موحد.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/08/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - طلال لموشي - سامي بخوش
المصدر : مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية Volume 2, Numéro 3, Pages 199-223