الجزائر

نحن وهم والاستقلال؟!



نحن وهم والاستقلال؟!
لا! لن يفسدوا علينا فرحتنا، ولن يجعلوا من هذا اليوم مناسبة للسخط والندم واللامبالاة!الاحتفال باستقلال الجزائر مناسبة عظيمة، جاءت من تضحيات أجيال ومعاناة الملايين، فلا يمكن أن نقرنها بما يجري اليوم من حولنا من فساد ومن ضياع للطريق.الاستقلال لا يعني ما نعيشه اليوم من مهازل، وما ضيعناه من فرص لنرقى بالبلاد إلى المكانة التي تليق بها وبأحلام شهدائنا، وما ينتظره أبناؤنا وأجيال سبقت.لا يمكن أن ينقص الفساد الذي ينخر الدولة والمجتمع على السواء، من قيمة هذه المناسبة العظيمة، حتى وإن كانت منقوصة، ومنهم من رهنها ورهن البلاد وشيئا من سيادتها بيد عدو الأمس.يبقى الاستقلال والفرحة بنيله لا يمحوها شيء، ولا يمكن أن ينغص عليها هؤلاء الذين نهبوا ثروات البلاد واختاروا بلدانا أخرى لأبنائهم وأحفادهم.الاستقلال لا يعني رئيسا بعينه ولا حكومة ولا خيارات سياسية فاشلة، ولا قضاء رهينة، ولا جيشا يعرض قوته وعتاده في الشوارع، ولا كلاما نجتره صباح مساء.الاستقلال سيادة القرار والموقف، الاستقلال الكلمة الحرة نقولها ولو كانت مرة، ليس حبا مقرونا بما نكسبه، هو أكبر من كل هذا، أكبر من الطموحات والخيانات، من الانتصارات والإخفاقات.الاستقلال هو ذلك الحلم الذي راود بن مهيدي وعبان ونسومر والمقراني وبوعمامة وبن بولعيد، وعميروش والقائمة طويلة لنساء ورجال، حتى وإن فشل من جاءوا بعدهم في تحقيقه.هو النظرة العالية، تلك النظرة التي جعلت صحفي ألماني كان يزور الجزائر قبل الاستقلال وبعده، وانبهر لهذا التغيير الذي أحدثته، هذا الذي افتككناه بملايين التضحيات، يومها قال منبهرا، لصديق له قتل لاحقا في انفجار مبنى الأمم المتحدة على يد أعداء الاستقلال والحرية والجمهورية، قال ما أبهرني في الجزائر المستقلة تلك النظرة العالية للجزائري، لم يعد الجزائري يطأطئ رأسه نحو الأرض!نعم، لم يعد الجزائري ذلك الأنديجان الذي يمنع من دخول مدن الأوروبيين وأحيائهم الراقية، ذلك الذي يتخذه المعمرون عبدا يسخرونه بدون مقابل، يضحكون من جهله وفقره وقلة حيلته.كم من مسافة قطعها الجزائري من يومها، يكفي لنقلب ألبومات الصور وما تحتويه كتب التاريخ من قصص مروعة، لنعرف ما حققه الاستقلال من تغيير في الإنسان الجزائري.لم يعد ذلك الذي يسير خوفا وخجلا جنب الحائط، يلبس خرقا بالية ويسكن أكواخا وتمنعه السياسة الاستعمارية من بناء تتوفر فيه الشروط الصحية. سمعت مرة في شريط تاريخي من مجاهد، يقول إنه من منطقة القبائل، كانت السلطة الفرنسية تفرض ضرائب على البناءات القرميدية، وتفهم من هذا أن الاستعمار استعمل كل الإمكانيات في حرب الإبادة التي فرضها على الشعب الجزائري.لن أكفر بنعمة الاستقلال، مهما كانت انتكاساتنا ومهما كان الإحباط والأفق المسدود، ومهما كانت الخيانات، ومن سرقوا فرحتنا وفرحة آبائنا وأمهاتنا بهذه النعمة.لكن هل تدوم هذه النعمة طويلا؟!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)