الجزائر

ميلود تونسي صاحب تقنية الفن الغرافي على الرمال ل "المساء": للرمال ألوان، ظلال وضياء اكتشفتها بالإدراك



ميلود تونسي صاحب تقنية الفن الغرافي على الرمال ل
هادئ جدا، يبحث في مواطن الجمال ليحرر سحرا تعشقه العيون، غازل الريشة والألوان لسنوات، ثم اختار أن يفصح عن لون جديد كان يسكن وجدانه لسنوات، سؤال استطاع أن يصبح لوحة مرسومة، هل يمكن صنع لوحة جميلة بألوان ترابية؟ إنه الفنان التشكيلي تونسي ميلود الذي أبدع تقنية الفن الغرافي التي تعتمد على الألوان الرملية. ”المساء” التقته ونقلت لكم تجربته مع هذا الفن الفريد الذي يصور شيئا من التراث الجزائري العميق في صورة مميزة، حيث أصبح من الممكن أن تُرسم معالم القصبة بالرمال، وألوانها وضلالها أيضا.
الرسم بالرمال الطبيعية ليس جديدا، فهو فن شائع خاصة بالجنوب الجزائري، لكن الجديد الذي يشد الانتباه هو العشق الكبير الذي يحمله هذا الرجل للصحراء الجزائرية، حيث جاب العديد من المناطق وتعرّف على مختلف ألوان الرمال والصخور البركانية المكونة لصحراء تمنراست، ليبحث عن طريقة لتخليد هذا الجمال، يقول السيد ميلود تونسي ابن مدينة تنس؛ ”في أعمالي السابقة كفنان تشكيلي، كنت أعتمد على تدرج الألوان الطينية من اللون الصحراوي، لكن بعد 25 سنة من التجوال في الصحراء ومشاهدتي لمختلف اللوحات التي يقدمها أهل المنطقة من عشاقها، اكتشفت أنه يستوجب عليّ إظهار التراث الجزائري غير المجسد بتقنية الرمل، ولم اكتف في أعمالي بإظهار جماليات الصحراء فحسب، بل عملت على اخراج مختلف الأماكن السياحية التي ربما لم تكتشف سحرها العيون بعد، على غرار منطقة بني حواء الساحلية ذات الجمال الطبيعي الخلاب، بوابة تنس البحرية وباب البحر في تنس القديمة أو ما يسمى ب ”المرينة”، وكذا جبال الأهقار الشاهقة، باب الوادي سنة 1830، ”بيت مصطفى باشا”، وغرداية الفاتنة بمختلف مناطقها، فغالبا ما يقف السياح أو أبناء هذه المناطق متسائلين؛ من أين حصلت على هذه الصورة؟ إنها أسئلة تتكرر، لكنها تعجبني لأنها تحمل في جوهرها التمييز الذي لابد أن يكون في مثل هذه الأعمال.
وحول التقنية التي قدمها قال؛ ”لهذا العمل الفني خاصية مميزة، تكمن في إدخال السعادة على ألوان الحزن، كما تحمل لوحاتي الظلال والضوء بالرمال، لأنني لا أستعمل الألوان، وهي الأمور التي لا توجد في أعمال الغير”.
ويواصل محدثنا قائلا؛ ”هذا الفن نتاج ضغط داخلي تحرر، فدراستي للبرمجة العصبية ساعدتني على معرفة كيفية توسيع الإدراك، ومنه خلق هذا الفن الذي كان قابعا بداخلي لسنوات، فقد عشت صراعا حقيقيا قبل خضوعي لدراسة البرمجة العصبية في أبحاث الماجسيتير، لكن الآن أصبح الأمر واضح المعاني، وأنا مستعد لتعليم الشباب هذه التقنية، شرط أن يكون موهوبا فنيا”.
وحول المادة الأولية التي يستخدمها، قال السيد تونسي: ”الرمال الطبيعية هي المادة الأولية والأساسية في هذا الفن، لديّ أزيد من 44 لونا أحضرتها من مناطق مختلفة من الوطن؛ منها الداخلية والصحراوية، على غرار الرمال الذهبية لتاغيت وبعض المناطق البرية الصحراوية، رمال وادي سوف المميزة، رمال الأغواط البيضاء، رمال بشار السوداء والرمال البنفسجية التي أحضرتها من حاسي مسعود وعين أمناس، وأعتمد في البداية على القلم الذي أعتبره شريكا وفيا في المهنة”.
شارك الفنان ميلود في العشرات من المعارض الوطنية والدولية، على غرار باريس ويوغسلافيا، والعديد من الملتقيات الدولية الفنية التي مثل فيها الجزائر أحسن تمثيل، حيث كان ولايزال في عالم الرسم والجمال منذ 32 سنة، قدم خلالها مختلف التقنيات التي ميزت أعماله التي تعكس التشبث بالأصالة وترفض كل أنواع الدمار والتهديم، حيث قال الفنان في هذا الصدد؛ ”أحب أن تُخلّد أعمالي الأماكن والروايات التاريخية التي تعتبر جزءا هاما في حياتنا، وهي شيء من الماضي، الحاضر والمستقبل، إذ يستوجب المحافظة عليه، فمن خلال تقنية الغرافيك بالرمال، نروي الجمال والتاريخ للسياح والأجيال”.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)