الجزائر

مواطنون "يتحايلون" على رخص البناء!


مواطنون
عبد الحميد بوداود ل"البلاد": حلم "الجزائر البيضاء" تبخر بسبب فوضى البناء
1300 مركز تكوين مهني في الجزائر لا توفر اليد العاملة في الترميم

تحصي الجزائر قرابة مليون و200 ألف وحدة سكنية غير مكتملة، تنتظر إتمام عملية بنائها، حيث إن شوارع العاصمة وأغلب المدن الكبرى، تعرف فوضى في البناء، وهذا ما يجعل المنظر العام لتلك المدن يتضرر وذلك في ظل غياب الرقابة، وعدم احترام المواطنين لمعايير رخص البناء، هذا إضافة إلى تحذير الأخصائيين من فوضى البناء والهندسة المعمارية المتغيرة وغير واضحة المعالم والهوية، وهو ما يجعل اللمسة الجزائرية غائبة في معمار المدن، بالإضافة إلى توقف أغلب أشغال الترميم التي تخص المعالم الأثرية بسبب ارتفاع الفاتورة التي تقترحها مؤسسات الترميم العالمية.

المواطنون لا يحترمون رخص البناء
صرح عبد الحميد بوداود رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين، ل "البلاد"، أن ما يقارب مليون و200 ألف وحدة سكنية غير مكتملة في الجزائر، ولا تتجاوب مع المعايير الدولية، وذلك لأن الكثير من المواطنين الذين يشرعون في بناء منازلهم، لا يعتمدون على المخطط الذي يحدده المهندس، ولا على المعايير الموجودة في رخص البناء، بل كل شخص يغير مخطط المهندس حسب رأيه الشخصي، وحسب عدد أفراد العائلة.
يضيف المتحدث أن "الكثير من المواطنين يبنون المنازل والمنشآت حسب أهوائهم الشخصية، فمثلا ما هو موجود في رخصة البناء أن هيكل البناية يكون به 3 طوابق، لكن الشخص يتعنت ويغير مخطط المهندس ويخالف رخصة البناء، فيبني عددا أكبر من الطوابق حسب عدد أفراد عائلته ضاربا بطريقة الهندسة ومراعاة الشارع الذي يقيم به عرض الحائط".

اللمسة الجزائرية غائبة بسبب نوعية التكوين وقلة اليد العاملة
يعيب الكثير من المختصين في مجال البناء، غياب اللمسة الجزائرية التي تظهر في المباني الجزائرية، وهو ما يجعل المنظر العام للهندسة المعمارية لا يرتبط بثقافة الجزائريين، فالكثير من المباني بالعاصمة بنيت على الطريقة الفرنسية، فيما يتميز المعمار في المدن الداخلية باللمسة الشرقية، أما الكثير من المناطق في الغرب الجزائري فتتميز بطابع جزائري أصيل، فيما احتفظت العديد من القصور والمنازل بمدينة غرداية بطابع صحراوي خاص يتلاءم مع المنطقة.
وفي السياق ذاته، يؤكد عبد الحميد بوداود، أن المهندسين الجزائريين يدرسون الهندسة في طابعها العالمي، فلا يركزون على الجوانب الاجتماعية والنفسية للجزائريين والطابع الخاص لكل منطقة، وهذا ما يجعل المهندسين الجزائريين لا يجتهدون في خلق طابع خاص بهم.
كما حمل رئيس المجمع الجزائري خبراء البناء والمهندسين المعماريين، مسؤولية توعية المواطنين لمسؤولي البلديات الذين لا يتخذون، حسبه، أي إجراءات من أجل توعية المواطنين وردع الممارسات غير الشرعية في البناء. كما أضاف المتحدث "أقترح أن تنظم البلديات أبوابا مفتوحة تحسيسية في طريقة البناء، حيث يتعرف المواطنون على الهندسة الجزائرية الأصيلة، ومختلف الأخطار التي قد يسببها البناء العشوائي".

نقص مهندسي الترميم واليد العاملة يجعلنا نلجأ إلى المؤسسات الأجنبية
يشكل نقص المهندسين المختصين في مجال الترميم في بلادنا، وأيضا نقص اليد العاملة التي تعتبر ركيزة هذا المجال، أهم العوائق التي تحول دون إكمال مشاريع الترميم التي بدأتها الدولة وتوقفت بسبب الأزمة المالية التي تمر بها مختلف القطاعات. فالشركات الإيطالية والفرنسية والألمانية المختصة في الترميم، تطلب مبالغ مالية كبيرة لترميم المناطق الأثرية والقصور التي يعود أغلبها إلى العهد العثماني. وتبقى اليد العاملة تشكل أهم عنصر في هذا المجال، ويركز عديد المختصين على أن الحرفيين في النجارة والبناء ومختلف الحرف الأخرى هم أساس هذا المجال إضافة الى المهندسين.
ويبقى نقص التكوين في هذا المجال السبب الرئيسي الذي يجعل الجزائر تلجأ في كل مرة الى الخبرة الأجنبية في مجال الترميم والهندسة، خاصة حين يتعلق الأمر بالمنشآت الضخمة التي تتطلب هندسة ذات معايير دولية.
ورغم وجود 1300 مركز تكوين مهني في الجزائر، إلا أن هذه المراكز لا توفر التكوين في تخصصات مثل الترميم وباقي التخصصات المرتبطة بالترميم والهندسة الجزائرية.

ترميم البنايات التاريخية في القصبة حلم بعيد التجسيد
تعتبر القصبة نموذجا هندسيا فريدا من نوعه، ومثالا لتعايش مختلف الأعراق والديانات على مدار أربعة قرون، حيث صنفت ضمن التراث العالمي، ولذلك تم ترميم أزيد من أربعة آلاف منزل منها في إطار المخطط الاستعجالي، بينما مازالت تحصي قرابة 100 بناية تاريخية مهددة بالانهيار في القصبة ومصنفة في قائمة الخانة الحمراء.
ويتمثل المشكل الأساسي في غلاء فاتورة الترميم، حيث توكل العملية لمؤسسات أجنبية، ويتم في كل مرة التأخير في عمليات الترميم. ففي بعض الأحيان يتوقف الترميم بسبب المشاكل المالية بين المؤسسات الأجنبية والسلطات المعنية، الأمر الذي جعل الترميم يتطلب سنوات عديدة دون أن يكتمل، وهذا ما انعكس سلبا على وضعية المباني الأثرية، التي باتت لا تحتمل العوامل الطبيعية التي تؤثر فيها وتجعلها عرضة للانهيار، خاصة أن القصبة مازالت آهلة بسكانها.
وتتميز قصبة الجزائر العاصمة بتشكيلة مميزة من المنازل التي أطلق عليها اسم "الدويرات" بالنظر إلى صغر حجمها مقارنة مع المنازل الأخرى التي اشتهرت في القصبة وأصبحت قصورا ومتاحف. حيث تم إحصاء 93 بناية تاريخية مهددة بالانهيار في أي لحظة، مطلع عام 2017، وتم إعلان تحويل مؤقت أو دائم لقاطني هذه البنايات التاريخية للشروع في عملية الترميم قصد الحد من التدهور الذي يزيد من خطورة تسرب المياه وحالة قنوات الصرف الصحي المهترئة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)