الجزائر

مهنتهم الوحيدة التي بقيت من ''ريحة زمان'' الإسكافيون في بوسعادة..50 عاما على الرصيف



 يجمع البوسعاديون على أن صورة الإسكافيين الذين احتلوا رصيفا بساحة الشهداء ببوسعادة، هم آخر ما تبقى من إرث الزمن القديم، وأصبح المشهد البوسعادي دونهم يكاد يكون تعبيرا لأية مدينة أخرى غير بوسعادة. لقد التصق هؤلاء بالمدينة، والتصقت المدينة بهم.
عمي لخضر الذي تجاوز عمره 63 عاما، احتل ركنا من هذا الرصيف منذ 42 عاما ولا يزال يشغله، وكأنه تحوّل إلى جزء من المكان. يقول عمي لخضر إن الشارع الصغير بساحة الشهداء، أو المسمى شارع الملاخة، كان ولا يزال ظلا له. لقد تربى فيه، وفيه بلغ الشيخوخة، وهو يتذكر جيدا مجموعة من الرجال الذين مرّوا من هنا بصناديق الحطب ومسامير ربّوا أجيالا وأجيالا. يعيش مع عمي لخضر خمسة من أولاده، وقناعته بما يجنيه كل يوم تجعلك تتعجب لوجود رجال بهذا الإيمان في هذا الزمن الصعب، وأعز ما يملكه هو صندوقه الحطبي الذي اشتراه في 1968 بـ 4 دورو . وما يخيفه أكثـر هو غلاء المعيشة، إذ يضطر لشراء الدقيق بالكيلوغرام الواحد إنها حياة مرّة وصعبة، ربما قد أجد نفسي يوما لا أستطيع توفير حتى ثـمن الكفن ، يقول هذا الكهل الذي لا يتجاوز غداؤه قطعة خبز مع كوب من الشاي، في أحسن الظروف. وبجانب عمي لخضر، يجلس الحاج العطيري الذي يلازمه منذ 35 سنة في نفس المكان، والحاج بن شارف الذي يعيل 12 فردا في بيت لا تتجاوز مساحته 40 مترا مربعا وعمره 61 سنة، ولم يستفد طوال حياته من أية إعانة من الدولة، حتى ولو كانت قفة رمضان.
يقول الحاج العطيري: ما اتسالني الدولة والو، كنا نصلح الحذاء الجلدي بـ3 دنانير وحتى بدينار واحد. وعندما أردت تكوين ملف السكن الاجتماعي، كرهوني من الأوراق، فبطلت . أما عمي يحيى العقلي، وعمره 57 عاما، ويعيل عائلة من 9 أفراد، فيرى أن المهنة التي لا تزال تحفظ لبوسعادة بعض ميزاتها وصورتها في طريق الزوال، لأننا محفورون، ولا أحد يهتم بوضعنا .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)