أصدر مهرجان وهران للفيلم العربي، أول أمس، كتاب ”سينما الرؤى”، وهو عبارة عن مجموعة دراسات للناقد السينمائي عبد الكريم قادري، حول السينما العربية. وذكر المؤلف في مقدمة الكتاب، الذي يوزع مجانا على المشاركين في التظاهرة السينمائية التي تحتضنها مدينة وهران ابتداء من يوم 24 جويلية الجاري، أن السينما العربية لا تزال تبحث عن موطئ قدم لها ضمن مدونة السينما العالمية. يرى الناقد عبد الكريم قادري، أن ما يُنتج حاليا من أفلام في الدول العربية مجتمعة: ”لا يشكل سوى جزء يسير، مقارنة بما تنتجه دولة غربية واحدة لها تقاليد سينمائية، لأن آلية الإنتاج العربي على عمومها، بطيئة، مترددة، متوجسة، ارتدادية، وغير منوعة، حصرت نفسها بين ما هو تجاري وفج على كثرته، وما هو فني إلى حد ما، على قلته”، وأضاف قادري في مقدمة الكتاب: ”ومن المعروف أن القلة مهما كانت لا تستطيع أن تخلق توجها، أو هوية في ظرف وجيز، لذا وجب على هذه القلة أن تتوسع في إنتاجها، لتصل إلى خانة ”سينما الرُؤى”، لتهزم الأفلام التجارية أو المُتعبة فنيا، وتسحقها، وهذا لن يكون سهلا بطبيعة الحال، لكنه غير مستحيل، خصوصا وأن هناك العديد من الأفلام والتجارب العربية الحديثة وحتى القديمة - وقد تناول هذا الكتاب العديد منها- تشي بأن هناك حركة سينمائية عربية تتشكل في الأفق، استطاعت أن تتحرر من القوالب الكلاسيكية القديمة، وتبحث عن تجارب تعكس الهوية، الذات، الألم والحلم العربي، ليس الحلم بمعناه الضيق، بل بمعنى خلق حركة سينمائية عربية بأتم معنى الكلمة، وابتكار أدوات وطريقة معالجة غير تقليدية، نتميز من خلالها عن سينما ”الآخر”، وربما يمكننا أيضا تصديرها، لتخرج من الحيز الضّيق وترى العالم، مثل ما فعلت العديد من الأمم الأخرى، مثل دول أمريكا اللاّتينية، أوروبا الشرقية، إيطاليا، اليابان، والأمثلة كثيرة”وبحسب قادري، فإن سينما الرؤى العربية لن تبرز وتتطور: ”إلا إذا أدرك المخرج أو صانع السينما العربي بأن البصمة السينمائية لا يمكن أن تكون في ظل التبعيّة الفنيّة والنّهل من اجتهادات ”الآخر”، إلاّ أنّ هذا لا يعني بأن ننغلق على أنفسنا ولا ننفتح، ولكن بشرط أن يكون هناك حدود لكلّ شيء، وأن لا نذوب في هذا الآخر، وننسى أنفسنا، وإلا بقينا دائما في ”تبعية سينمائية”، ورجع صدى لما ينتج ويأتي لنا، ونتلاشى، وعليه ستصبح السينما العربية مُستهلكة، سواء في تلقيها ومشاهدتها للأفلام، أو حتى في صناعتنا”.ويقدّم هذا الكتاب ”سينما الرؤى/قراءات ودراسات في السينما العربية الحديثة” مقاربات لأفلام عربية، عكست توجّهات وتيّارات مختلفة، حيث يحوي عدّة فئات، طويلة وقصيرة/روائية ووثائقية، وذكر المؤلف في ذات المقدمة: ”يقدم الكتاب دراسات واستقرأ تجارب عربية محددة، وجدنا بأنّها تحمل في طياتها بذرة يمكن أن تنمو ولبنة يمكن أن تتكئ عليها السينما العربية مستقبلا، إذ وصفناها ب”سينما الرؤى”، ولم يأت هذا الوصف اعتباطيا، بل لأنّها أفلام ذات حساسيات مختلفة، يمتلك أصحابها رؤى منوّعة، من حيث ”التيمة”، البناء، التجريب، البحث عن متنفّس سينمائي جديد، تتوالد من خلاله أفلام مستقبلية، ربما ستعكس مفهوم ”السينما العربية”، بكلّ ما يحمله هذا المصطلح من ثقل دلالي، فقط وجب على صنّاع السينما في الدول العربية، خصوصا المخرجين، أن يتمسكوا بالحلم، ويسعوا جاهدين لفك الارتباط السينمائي بالآخر، ويحاولوا خلق أفلام عربية تمثلهم وتمثّل نظرتهم وفهمهم للسينما، لأنه من اتّبع الآخرين وصل أخيرا دائما”.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/07/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الفجر
المصدر : www.al-fadjr.com