شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة في اليومين الأخيرين حركة دبلوماسية مكثفة أملتها المساعي الأمريكية الرامية لإحياء عملية السلام من جهة والجهود الفلسطينية المتواصلة لتحقيق المصالحة الوطنية من جهة ثانية.
فبينما حل أمس العاهل الأردني عبد الله الثاني في زيارة مفاجئة ونادرة بمدينة رام الله بالضفة الغربية التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالرقم الثاني في كتابة الدولة الأمريكية وليام بيرنز لبحث إمكانية استئناف العملية السلمية المتعثرة منذ سنوات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولكن زيارة الملك الأردني الاولى من نوعها إلى رام الله منذ مجيء محمود عباس على رأس السلطة الفلسطينية عام 2005 وفي هذا التوقيت بالذات وعشية اللقاء المرتقب بين الرئيس عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقومة الإسلامية بالقاهرة حملت في طياتها قراءات متعددة.
ومن بين هذه القراءات يكون الملك عبد الله الثاني يريد التأكد بنفسه من عدم تأثير المصالحة الفلسطينية على طبيعة العلاقات القائمة بين عمان والسلطة الفلسطينية، خاصة وان العلاقات بين الأردن وحركة حماس شابها التوتر منذ عام 1999 اثر إقدام السلطات الأردنية على طرد المكتب السياسي للحركة من العاصمة عمان وهي العلاقات التي ازدادت تدهورا بعد اتهام عمان عام 2006 حماس بتهريب الأسلحة إلى أراضيها عبر سوريا.
وهو طرح يبقى قائما علما ان كل المؤشرات تشير إلى ان قطار المصالحة الفلسطينية يكاد يبلغ محطته الأخيرة بلقاء عباس-مشعل حيث من المتوقع ان يعكف الرجلان على وضع آخر اللمسات لتحقيق اتفاق المصالحة الفلسطينية على ارض الواقع والذي ينص على تشكيل حكومة بمشاركة كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس.
أما القراءة الأخرى التي يمكن استنتاجها من زيارة العاهل الأردني هي ان يكون هذا الأخير قد انضم إلى المساعي الأمريكية واللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط الهادفة إلى إحياء عملية السلام المتعثرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ويؤكد ذلك ان زيارة العاهل الأردني جاءت غداة لقاء الرئيس عباس بالموفد الأمريكي وليام بيرنز الذي أجرى مباحثات أيضا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لبحث سبل استئناف مفاوضات السلام.
وبغض النظر عما تخفيه هذه الزيارة فإن رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني أكد ان زيارة العاهل الأردني إلى الأراضي الفلسطينية هي ''استكمال للقاءات التي تتواصل باستمرار وليس هناك أي أسباب أخرى عدا ان الرئيس عباس يريد استمرار التواصل معه''.
من جانبه أكد صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ان الرئيس عباس جدد على مسامع الموفد الأمريكي رفض الطرف الفلسطيني الشروع في أية مفاوضات دون التزام إسرائيل بوقف تام لأنشطتها الاستيطانية خاصة في القدس الشرقية والضفة الغربية وأيضا التفاوض على حدود جوان .1967
عاد التوتر ليخيم على ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية بعد أن أججت عملية مقتل متظاهرين اثنين ليلة السبت إلى الأحد النفوس وأدت إلى استمرار الاشتباكات بين قوات الأمن ومئات المتظاهرين لليوم الثاني على التوالي، مما أعاد المشاهد العنيفة التي عاشها المصريون خلال ثورة 25 جانفي.
وشهد ميدان التحرير منذ الساعات الاولى من صباح أمس توافد مئات الأشخاص الغاضبين على إقدام قوات الأمن على قمع المتظاهرين وتفريقهم بالقوة باستخدام الغازات المسيلة للدموع والهراوات وحتى إطلاق الرصاص المطاطي.
ورد المتظاهرون بإضرام النار في إطارات السيارات كما قاموا بإلقاء زجاجات حارقة على قوات الأمن المركزي للحد من إطلاق القنابل المسيلة للدموع التي تسببت في وقوع إصابات كثيرة في صفوف المعتصمين قدرتها وزارة الصحة بحوالي 750 جريحا.
ولم تقتصر الاحتجاجات على ميدان التحرير، بل توجه المئات الآخرين من المحتجين إلى مقر وزارة الداخلية مرددين شعارات تطالب المجلس العسكري الحاكم وعلى رأسه المشير حسن طنطاوي بالرحيل.
وسرعان ما انتقل لهيب هذه الاحتجاجات إلى مدن أخرى على غرار الإسكندرية والسويس وأسوان تلتها اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن مما أسفر عن سقوط المزيد من الجرحى.
ونقلت مصادر إعلامية مصرية أن المتظاهرين في الإسكندرية فوجئوا بإطلاق رصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع من طرف الشرطة، مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص على الأقل.
وانطلقت المظاهرات في الإسكندرية احتجاجا على تدخل قوات الأمن المركزي ضد المعتصمين والمتظاهرين في ميدان التحرير المطالبين بالانتقال الفوري إلى الحكم المدني والرافضين لوثيقة المبادئ الأساسية للدستور.
نفس المشهد المتوتر عاشته مدينة السويس منذ ليلة السبت إلى الأحد حيث نظمت مظاهرات تضامنية مع المعتصمين في ميدان التحرير.
وفي ظل هذه التطورات الخطيرة سارعت حكومة عصام شرف إلى المطالبة بالتعقل وضبط النفس بعد أن وصفت ما يحدث بالأمر الخطير وينعكس سلبا على مسار البلاد والثورة.
وفي محاولة منها لاحتواء الوضع المتوتر وامتصاص غضب الشارع، لجأت السلطات المصرية إلى نشر تعزيزات أمنية منذ فجر أمس بالمحاور الرئيسية لمدينة القاهرة.
وسارعت الحكومة المصرية التي تعمل تحت إشراف المؤسسة العسكرية إلى إصدار بيانات تهدئة جاء فيها أن ''التظاهر السلمي حق دستوري مفروغ منه، ولكن ولأن الأحداث اتخذت مثل هذا المنحى فإن الجميع يصبح مطالب بضبط النفس والتحلي بالمسؤولية''.
وتكشف دعوة الحكومة المصرية إلى التعقل عن مخاوف متصاعدة من إمكانية تأثير مثل هذه الأحداث على مسار أولى الانتخابات لما بعد سقوط نظام مبارك المقررة بعد ثمانية ايام من الآن.
تستضيف الجزائر العاصمة في الفترة الممتدة من 8 ديسمبر حتى 14 منه، فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السمفونية في دورتها الثالثة بمشاركة 20 دولة من مختلف القارات.
تتضمن الفعاليات إضافة الى الحفلات الموسيقية، عدة نشاطات ثقافية، منها المحاضرات والندوات الخاصة بمجال الموسيقى السمفونية وأدواتها الموسيقية. كما سيقدم خلال التظاهرة عزف مشترك لعازفين من عدة دول أجنبية. وتستغل الأوركسترا الوطنية الجزائرية هذا المهرجان، لتقدم العديد من الألحان الجزائرية المتنوعة تحت قيادة المايسترو رشيد صاولي.
ويعتبر محافظ المهرجان الأستاذ عبد القادر بوعزارة، هذه التظاهرة، مناسبة مثالية لتفعيل دور الموسيقى في المجتمع.. علما أن البرنامج المسطر سيبقى في ذاكرة الجمهور لأنه يمثل قيمة جمالية وعاطفية.
للإشارة، فإن الأستاذ بوعزارة درس الموسيقى في جامعات روسيا وكييف وهو أستاذ آلة الكمان بالمعهد الوطني العالي للموسيقى، ويسعى لإحياء التراث الموسيقي الجزائري لإدراجه في قائمة روائع التراث الكلاسيكي الأصيل.
السمفونية الجزائرية حديثة النشأة، فقد تأسست عام 1992 وبدأ نشاطها الفعلي عام ,1997 وعزفت لألمع الموسيقيين العالميين وأدت روائع من التراث الجزائري الكلاسيكي.
كما قامت بالعديد من الجولات عبر المدن الجزائرية، منها جولتها الأخيرة هذا الشهر قادتها الى بعض مدن الغرب الجزائري كمعسكر ثم البيض والنعامة وغيرها، وهي الجولات التي يصفها الأستاذ بوعزارة بالناجحة جدا، منها الجولة الأخيرة التي عرفت اكتظاظا في القاعات التي نظمت بها الحفلات، وهو دليل على رواج هذه الموسيقى في مجتمعنا لأنها تمثل الرقي والإبداع.
نفس الملاحظة سجلت خلال الطبعات الماضية للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السمفونية، حيث عرفت إقبالا منقطع النظير وتنقل إليها الجمهور في ولايات عديدة لحضور هذا العرس الدولي.
شكّل اللقاء الدولي الثالث لمهرجان الإمزاد، الذي جرى بتمنراست من الحادي عشر إلى الثامن عشر نوفمبر الجاري، موعدا لتثمين الموروث المادي وغير المادي الذي يزخر به التراث الثقافي الوطني بكلّ أبعاده، وحدثا مميّزا بهذه المنطقة من الجنوب الكبير.
وكانت هذه التظاهرة الثقافية والفنية مناسبة للكشف عن جوانب من التراث الغنائي النادر الذي تشتهر به منطقة الأهقار، المتمثّل في اللون الفني العريق المعروف بـ ''الإمزاد'' والتراث الشفوي التارقي (الشعر) باعتبارهما من روافد التراث الثقافي الوطني، وفي هذا الخصوص، أجمع الباحثون والمختصون في الأنتروبولوجيا والمهتمون بالتراث الشفوي وموسيقى الصحراء - ضمن أشغال الندوات والمداخلات التي نشطت بالمناسبة حول موضوع ''شعر رجل الصحراء''- على أهمية اعتماد وسائل ناجعة للمحافظة على هذا الرصيد الثقافي وحمايته من الإهمال ومن عوامل الإندثار أمام ما أصبح يُعرف بزحف ''العولمة الثقافية''.
وتطرّق المشاركون إلى موضوعات تتعلّق بـ ''شعر العزلة''، ''شعر الشرود ورونق الصحراء''، ''فن الآياي .. أغنية مقدّسة لدى البدو''، ''العلاقات العاطفية في الشعر البدوي''، ''الشعر والهوية ومختلف أصناف الشعر التارقي''، وكذا ''الحياة الخاصة والشخصية'' و''من شعراء فنانين تقليديين إلى عازفين معاصرين''، وحاول المتدخّلون في هذه الندوات الأكاديمية التي احتضنتها دار الثقافة لمدينة تمنراست، الكشف عن بعض خصوصيات الشعر والغناء الصحراويين والعلاقة المتلازمة بينهما، باعتبارهما يمثّلان انعكاسا طبيعيا وروحيا لحياة البدو والترحال، وهي الحياة التي ترتبط بهوية وحضارة تعودان إلى آلاف السنين.
وتمّ التركيز في نفس السياق أيضا، على مسألة علاقة رجل الصحراء ببيئته وتأثّره بها، وهو يتجلى في منظومة الشعر الصحراوي الذي يحمل في كثير من الأحيان بصمات البيئة المحيطة بالرجل الأزرق، كما أجمع على ذلك المتدخلون. وبالمناسبة، ثمّن الجميع هذه المبادرة التي قامت بها جمعية ''من أجل إنقاذ الإمزاد'' لإحياء التراث المادي وغير المادي، والتي مكّنت المشاركين من ''الإستمتاع ببانوراما خلابة بمنطقة الأهقار، حيث لا أحد يمكنه مقاومة جاذبية هذا المنظر الطبيعي وألوانه الجذابة''.
ويتمثّل المشهد الآخر من هذه التظاهرة الثقافية والفنية في سلسلة الأنشطة المتنوّعة التي نظّمت ضمن فعاليات هذا الموعد والتي تتمثّل في مسابقة ''ميساس نيمزاد'' (أجمل عازفة على آلة ''الإمزاد'')، مسابقة ''إيحاكيت إيحوسين'' (أجمل خيمة معروضة) ومسابقة '' أميس إيلحوسين'' (أجمل جمل بكل ممتطياته)، وهذا إلى جانب تنظيم تظاهرة ''أناف'' (سباق الجمال).
واحتضنت من جهتها ''دار الإمزاد'' التي دشّنت بالمناسبة إلى جانب بعض المسابقات المبرمجة، العديد من الأنشطة الأخرى ذات الصلة بتراث الإمزاد والشعر، رقصات الغناء والبارود، مسابقات في الشعر والتراث الغنائي التارقي، ألوان موسيقية معاصرة، وكذا في ''إيسوات وتزنقرحيت'' (نوع من الغناء التارقي تؤديه مجموعات صوتية نسوية مصحوبا برقصات الرجال)، كما تحوّل هذا الفضاء أيضا إلى مسرح لعروض فنية رائعة في رقصات ''التيندي'' و''الجاقمي'' و''التاكوبا''، وفي عزف وصلات غنائية على بعض الآلات الموسيقية التقليدية، وهي العروض التي أطربت الجمهور.
وأقيمت بنفس المناسبة بهذا المرفق الثقافي الجديد، تظاهرة عرض وبيع منتجات الصناعات التقليدية وأخرى في فنون الرسم، وأجنحة للجمعية الثقافية المحلية ''من أجل إنقاذ الإمزاد'' والتي كان الهدف منها أيضا تثمين الموروث المادي وغير المادي والتعريف به للأجيال الناشئة، وكانت الأنشطة الموسيقية حاضرة بقوّة في وقائع هذا المهرجان من خلال المشاركة الواسعة للعديد من الفرق الموسيقية التي تنشط في تراث الإمزاد من منطقتي الأهقار والطاسيلي ناجر (إيليزي)، بالإضافة إلى فرق فنية من بعض جهات الوطن وأخرى من دول مجاورة (مالي والنيجر) والتي صنعت أنشطتها الفنية فسيفساء موسيقية رائعة تتشكّل من ألوان غنائية متنوّعة.
وقد صنعت هذه الفقرات الثقافية والعروض الفنية المتنوّعة ضمن فعاليات هذا اللقاء الدولي الثالث حول الإمزاد، والتي تواصلت على مدار أسبوع بكامله أجواء غير مألوفة في عاصمة الأهقار التي احتفلت بالإمزاد، حيث سجّل تجاوبا واسعا مع هذه الباقة من الأنشطة الثرية في أوساط سكان تمنراست الذين كانت لهم الفرصة لاكتشاف جوانب من روائع التراث الثقافي الوطني بكل تفاصيله.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/11/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : يذكر أنّ هذه التظاهرة الثقافية والفنية نظمتها الجمعية الثقافية ''من أجل إنقاذ الإمزاد'' بالتنسيق مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام، والإمزاد هو آلة موسيقية قديمة خاصة بالثقافة الغنائية التي يشتهر بها المجتمع التارقي، وهي ترافق الأغاني والأهازيج التي تتناول بطولات المحاربين التوارق البارزين، ويقتصر العزف على هذه الآلة المحدبة ذات الوتر الواحد على النساء فقط، وتذكر مصادر أنّ الإمزاد في ثقافة الرجل الأزرق يعدّ أيضا من الفنون الموروثة المقدّسة بحكم أنه يعزف في ظروف يحتاج فيها الرجل التارقي إلى تمجيد بطولاته، ويعكس هذا الفن الغنائي العريق جانبا من أعماق الحضارة الإنسانية.
المصدر : www.el-massa.com