الجزائر

‏''مهاجر سري''.. لرشيد نيني تترجم إلى الإيطالية


صدرت مؤخرا الطبعة الإيطالية لكتاب ''يوميات مهاجر سري'' لرشيد نيني، الذي يقضي عقوبة الحبس بسجن عكاشة بالدار البيضاء، بسبب كتاباته المنتقدة للأوضاع في المغرب، المؤلف مدير صحيفة ''المساء'' المغربية الذي عاش تجربة الهجرة السرية بإسبانيا.''يوميات مهاجر سري'' عبارة عن مذكرات كتبها المؤلف حين أقام بإسبانيا من سنة 1997 إلى 2000 وقد كان يرسلها تباعا بواسطة البريد أو الفاكس لتنشر على صفحات جريدة ''العلم''، حينها حصل على جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب (سنة 1993).
أصدر المؤلف على نفقته الخاصة جريدة ناطقة بالعربية والفرنسية بعنوان ''أوال'' وتعني باللغة الأمازيعية ''الكلمة'' لكنها لم تعمر طويلا. كما نشر المؤلف مقالات ونصوصا مترجمة في مطبوعات خليجية منها ''البيان''، ''نزوى'' و''مشارف''، وأصدر ديوان شعر بعنوان ''قصائد فاشلة في الحب''.
للإشارة، عرفت يوميات نيني نجاحا باهرا حتى وصفها الناقد المغربي ابراهيم الخطيب بأنها ''بيعت كأرغفة الخبز الساخن وما زالت طازجة''.
هناك مراحل مركزية في حياة رشيد نيني تتصل بسنوات دراسته الجامعية قبل القدوم الى الرباط بحثا عن عمل في ميدان الصحافة وما اعقبه من خيبات، إلا أن ابرز المراحل هي الخاصة بتأليف نصه النثري ''يوميات مهاجر سري'' حيث صدرت الطبعة الاولى سنة .1999
لم يكن رشيد نيني مهاجرا سريا عاديا، بدأت قصته مع الهجرة سنة 1997 حينما وجهت إليه دعوة للمشاركة في المؤتمر العالمي الأمازيغي الذي جرت وقائعه بجزر الكناري ظنا من الهيئة الداعية ان جريدته ''أوال'' مستور يدافع عن أطروحات الناشطين الامازيغ. تمكن الكاتب بواسطة هذه الفرصة غير المتوقعة له من الحصول على التأشيرة لمدة 6 أشهر، فبدا له ذلك أشبه بمتنفس مفاجئ يحرره من الجو الخانق الذي كان يكتنف علاقاته بإدارة جريدة ''العلم'' ويفتح في وجهه باب تغيير مسار حياته، وهكذا بدل التوجه الى جزر الكناري المجاورة للمغرب اقتنى تذكرته الى أليكانتي وهناك شرع في البحث عن عمل كأي مهاجر سري فعمل في جني المحاصيل عبر الحقول ونادلا في المقاهي ومنظفا في المراقص الليلية وفي مطاعم البيتزا يدلك العجين وعمل حمالا في ورشات البناء وتعلم ما لا حصر له من الأشياء والمعلومات (ص 104)، تنقل المؤلف بين مدن اسبانيا وكان ذلك حلا اضطراريا يعكس هشاشة الفرص المتاحة وتقلبات أمزجة ارباب العمل وقساوة ظروف العيش.
لم يتردد رشيد نيني في تحويل تجربته كمهاجر سري الى نص ادبي على شكل مذكرات، يروي فيها مجريات معيشه ويحكي عن أشخاص من جنسيات مختلفة، فضلا عن تسجيل انطباعاته عن المدن التي زارها والأماكن التي ارتادها وأقام بها.
''يوميات مهاجر سري'' نص تأسيسي في المتن السردي المغربي، لكونه يشكل أول شهادة عن معيشة المهاجرين المغاربة في اسبانيا، خاصة وأن الشاهد لم يكن مجرد عامل اضطره ضيق العيش الى الهجرة وانما هو كاتب صاحب ملاحظة وسخرية، وهما سلاحان لمقاربة الأوهام التي تتراءى من الضفة الأخرى لمضيق جبل طارق جذابة ومتلألئة، لكنها تنطوي على أفخاخ سرابية منصوبة للفقراء.
يلاحظ في نص اليوميات احساس عميق بعزلة المنفى طوعا، وسعي الى اكتشاف الخلفيات وفهم تعقيدات الحياة، بما في ذلك احساس العيش على أرض الآخر.
يغدو الخوف من المداهمة والمطاردة والاعتقال سلوكا غريزيا يبلغ الترقب فيه حد التحدي والمغامرة، ورغم ذلك لا تستكين الذاكرة.
يعبر الكتاب أيضا عن حالة الإحباط التي خامرت رشيد اثر تخليه كرها عن عمله الصحفي وانخراطه في أفق تجربة غير منظورة العواقب، وعن الاستهتار بقيمة الكتابة في علاقتها بواقع الناس، وبالتالي استخفاف بالمثقفين الذي يعجزون عن مقارعة التجارب ويتوارون وراء تنظيرات لا تسمن ولا تغني، لكن هناك من جهة أخرى احتفاء بلحظات الانكباب على الكتابة لكونها تمكن السارد من العودة الى نفسه واستحضار تجاربه وذكرياته في مرايا ورقية لا حصر لها.
كتابة رشيد مقتصدة حادة المزاج محتشمة وساخرة، تسعى الى مقاربة التجارب والصعوبات كعوارض إنسانية قابلة للفهم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)