في الواقع هي مكان للتنزه والتسلية والترفيه، ومقصدا لجميع العائلات الجزائرية، إذ تبعث على الارتياح والطمأنينة ووفرة الضروريات، حيث يسودها الأمن وكذا احترام الآداب العامة، هي مواصفات بدأت تقل بحديقة التسلية المسماة بحديقة «جوزيف بروس تيتو» الواقعة بحي 5 جويلية بباب الزوار، هذا الفضاء الذي أضحى مرتعًا للرذيلة ومكانا ملائما للمنحرفين في الوقت الذي كان ينتظر فيه السكان المجاورون وروادها الأوفياء من الجهات المعنية العمل جاهدة للحفاظ على مقاييس المرفق العمومي الهام، إلا أن الأخيرة التي تعلم بكل ما يحدث بالمكان غضت الطرف وكأنها عاجزة عن إنقاذ الموقف، مما جعل عددا كبيرا من الوافدين إلى الحديقة يقررون عدم العودة إليها مرة ثانية.
يشتكي المترددون على حديقة «بروس تيتو» بباب الزوار، من الاعتداءات المتكررة والسرقة التي يتعرضون لها من قبل عدد من المنحرفين والمتشردين الذين حولوها الى وكر لممارسة مختلف أشكال الرذيلة من تعاطي للمخدرات والكحوليات، غير آبهين بحرمة العائلات التي تزورها مصحوبة بأبنائها وبناتها، ناهيك عن الممارسات اللاأخلاقية التي بات يضعها الأزواج غير الشرعيين وغالبيتهم طلبة جامعيين.
+ السكان المجاورين أكثر تضررا من التصرفات غير الأخلاقية
في جولة قادتنا الى حديقة «بروس تيتو» خلال الفترة الصباحية، وجدنا عمال الحديقة منهمكين في الاعتناء بالنباتات وتنظيف المسالك والمساحات الخضراء، كما لاحظنا عددًا معتبرًا من الأزواج الذين اتخذوا أماكن لهم تحت ظلال الأشجار الى جانب فضاءات التسلية المخصصة للأطفال التي تتوسط الحديقة، حيث يسجل الزائر الفرق الحاصل بين ما توفره الجهة المسيرة للحديقة وهي مؤسسة تنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر «أوديفال»، وبين ما يحدث بالمكان من تصرفات همجية، مما جعل العمال يجدون صعوبات جمة مع المنحرفين الذين ينشرون الرعب وسط رواد الحديقة ويهددون حتى أعوان «أوديفال» الذين لا تخرج مهمتهم عن نطاق مراقبة وحماية ممتلكات الحديقة، وماعدا ذلك فإن تدخلهم صار يجلب لهم المشاكل على حد قول أحد العمال الذي أسر لنا بأنه كثيرا ما يقوم بنصح بعض الأزواج بالتخلي عن التصرفات المخلة بالحياء، لكنه بتدخله هذا يردف - يتعرض للتهديد وبرأي محدثنا فإن السكان المجاورين هم الأكثر تضررًا من هذه السلوكات، إن أكد المتحدث ذاته، أنه كثيرًا ما تنشب خلافات بين السكان المحتجين الذين يجبرون الأزواج على تغيير المكان في الضفة البعيدة عن الأعين.
ولم يخف محدثنا المجهودات التي تقوم بها مصالح مؤسسة تنمية المساحات الخضراء لولاية الجزائر في تهيئة المكان والاعتناء بالنباتات متأسفا لتصرفات الأزواج المنحرفين واللصوص التي صارت تحجب عن المواطنين نعمة الاستجمام والترويح عن النفس، بل وتشكل نقطة سوداء صعبة على المصالح المعنية القضاء عليها، مما يجعلنا نتساءل لماذا لم تبادر الجهات المعنية إلى إيجاد تسوية للوضعية رغم المطالب الملحة؟
+زوار يتعرضون للسرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض
وفي سياق ذي صلة، أكد لنا بعض القاطنين بجوار الحديقة كحيي صالومبو وليروج، أن الأخيرة تعرف في الآونة الأخيرة انتشارا لبعض المترددين من الشباب عليها خاصة الجامعيين وغالبيتهم من فئة الإناث المقيمات بالأحياء الجامعية بباب الزوار، ليحولوها إلى وكر لممارسة الأفعال المخلة بالحياء على مرأى المارة والزائرين، لتحرم بذلك العائلات من فرصة التمتع بالحديقة، هذا ما أكده لنا وليد القاطن بحي صالومبو، الذي يطالب السلطات المحلية التدخل العاجل لوضع حد نهائي للإنتهاكات التي تحصل بالحديقة من اعتداءات على الزوار وممارسة سلوكات منحرفة آخرها ما حدث في شهر جوان المنصرم، أين تعرض رب عائلة وزوجته الى اعتداء عنيف بواسطة خنجر من قبل أحد المنحرفين، حيث لقي الزوج حتفه مباشرة بعد الإعتداء، أما زوجة فقد نقلت الى قاعة الإنعاش جراء الصدمة التي تلقتها.
وفي الإطار نفسه، صرح بعض الزائرين ممن التقينا بهم بذات المكان أن بعض الشباب المنحرفين يزرعون الرعب وسط الزائرين ما جعل العديد من المقبلين عليها يقل يوما عن الآخر، خاصة العائلات التي تصطحب أطفالها أيام العطل الأسبوعية، حيث أكدت مصادرنا أن بعض العصابات تستغل خلو المكان من مراقبة أعوان الأمن لتنقض على ضحاياها خاصة النساء منهم، مثلما حدث خلال شهر رمضان الفارط، أين تعرض عدد كبير من الزوار إلى السرقة تحت طائل التهديد بالسلاح الأبيض والغازات المسيلة للدموع، كما تعرض قاصر لا يتعدى سنه ال16سنة الى طعنة خنجر نقل على إثرها إلى المستشفى عندما حاول الأخير مقاومة ثلاثة أشخاص اعترضوا طريقه لأجل سرقته، ويحدث كل هذا في ظل غياب الرقابة التي فرضت على المتواجدين بالحديقة، وعدم التدخل لحماية الضحايا كونهم سيلاقون نفس المصير.
من جهتها أكدت بعض النسوة اللائي يصطحبن أطفالهن، أنهن يتعرضن الى التحرش والمضايقات من قبل شباب منحرفين، في وقت أكدت فيه عائلات قصدت الحديقة من بلديات مجاورة أن ذات المكان أضحى خطرا يهدد سلامتهم وسلامة أبنائهم.
+ احتوائه على مسبح شبه أولمبي ميزته الخاصة
وفي سياق آخر، وأثناء جولتنا بالحديقة شدّنا الفضول إلى دخول المسبح شبه الأولمبي «باحة محمد»، حيث دهشنا حين دخولنا من التدفق الهائل للمواطنين الذين يأتونه من كل مكان، وحسب مصادر من إدارة المسبح فقد بلغ عدد المنخرطين الى غاية هذا الشهر أزيد من 8972 منخرط من كلا الجنسين ومختلف الفئات، حيث يعد الأخير مدرسة لتعليم فنون السباحة ومتنفسا لائقا ومرفقا صحيًا لمرضى الربو والعظام، حيث عبر لنا نسيم، الذي وجدناه بداخل المسبح أنه فضل تخصيص جزء من وقته لإجراء حصص تدريبية وترفيهية مع أصدقائه، كما أكدت لنا نجاة، أنها تتدرب فيه منذ سنتين ونصف، ولم تلق أية مشاكل إذ أنهم يقومون سنويا بمسابقات مع الأندية الأخرى، إضافة إلى الخرجات والرحلات التي تنظمها إدارة المسبح للمنخرطين فيه.
ويذكر العديد من المنخرطين الذين وجدناهم بعين المكان، أن المرفق الجديد يقدم خدمات راقية وقد أصبح قبلة العديد من البلديات المجاورة كبلدية برج الكيفان والدار البيضاء خاصة، وأنه يحتوي على تجهيزات متطورة. وفي الإطار ذاته، أفادت مصادر من إدارة المسبح، أن الأخير يتربع على مساحة 625 م2، كما أن الإقبال زاد بشكل كبير خاصة وأن الدروس التطبيقية للسباحة يشرف عليها مدربون مؤهلون ومختصين في المجال، غير أن القائمين على تسيير المسبح الذين دشنه رئيس الجمهورية بتاريخ 26 سبتمبر 2005 يجدون صعوبة كبيرة في الاستجابة لطلبات المواطنين الراغبين في تسجيل أنفسهم وأبنائهم في قائمة المنخرطين في المسبح، ويعترفون بأن الإقبال الكبير على المرفق العمومي الهام، جاء نتيجة الخدمات الجليلة التي يقدمها الممرنون والطاقم الصحي الساهر، ولم يخف بعض أعوان الأمن والحراسة أن العديد من المواطنين والأولياء لا يحترمون القواعد المنظمة للمرفق كعدم الدخول إلى حجرات المرشات وغرف تبديل الملابس وغيرها، رغم أن العمال يسهرون على كل صغيرة وكبيرة.
من جهتها ذكرت مختصة نفسانية تشتغل بالمسبح، أن هناك بعض المخلين بنظام المسبح تمّ حرمانهم من الاستفادة من الخدمات، مشيرة إلى أن أعوان الأمن والحراسة يبذلون جهودًا كبيرة لأجل توفير الأجواء الملائمة للمنخرطين وفرض الاحترام وفق التعليمات التي تلزم المرتادين على المسبح، كالاغتسال قبل دخول الماء وعدم الصراخ أو اللعب وغيرها، مضيفة أن المنخرطين المصابين بأمراض جلدية أو المعرضين للصرع يمنع دخولهم ماء المسبح وأنها كمختصة نفسانية تقوم بالتنسيق بين الأطفال والأولياء وحل بعض المشاكل المتعلقة بالخوف الذي يلازم بعض الأطفال في دخول الماء.
+ مسيرو فضاءات التسلية يشكون عزوف العائلات
من جهتهم أكد بعض العمال القائمين على تسيير فضاءات التسلية بالحديقة، أن العائلات التي تجد في المكان ملاذًا لها من مشاق العمل والروتين ومتنفسا للأطفال، صارت لا تزور المكان، كونها رأت ما لا يسر الناظر وأن العديد من الأولياء الذين يأتون للمرفق يشدهم الإعجاب بما يتوفر على وسائل هامة للترفيه والتسلية، لكنهم يصدمون بمشاهد مخلة بالحياء وحرمة المكان. ومن جهة أخرى، خوفا من عصابات المنحرفين الذين ينتشرون بالمكان كلما مالت الشمس إلى المغيب، حيث أكد أحد المشرفين على وسائل اللعب أن هناك من المواطنين من أقسم بعدم العودة إلى الحديقة التي اختلط فيها الحابل بالنابل، ومازاد الطين بلة هو أن زوار الحديقة غير الراضين عنها، لا يجدون من يشتكون إليهم إلا أعوان «أوديفال»، الذين يعدون ضحايا الوضع يقومون بتوجيههم إلى الأمن الحضري بحي اسماعيل يفصح، مما يجعل حتى الضحايا يعزفون عن تقديم شكاويهم خاصة أولئك الذين لا يعرفون مكان تواجد مقر الشرطة.
+ موسيقى صاخبة... ورقص لقصر من الجنسين
لحظة خروجنا من الحديقة أثارت انتباهنا موسيقى صاخبة تنبعث من وراء المسبح، ولفضولنا تتبعنا مصدر الموسيقى وما إن وصلنا إليه صدمنا مما رأيناه، شباب وشابات قصر يرقصون بطريقة غريبة، حاولنا الاقتراب من أحدهم ومعرفة ما يفعلونه هنالك ضانين أن المتحدث إلينا شابًا، حيث كان حاملا سيجارة ويدخن، فأخبرتنا بطريقتها الخاصة أنها فتاة وليست شابا تبلغ من العمر 17سنة، وأنها وصديقها من قاما بتأسيس هذه المجموعة منذ 5 سنوات، والمتكونة من 30 فردًا يأتون منذ الصباح الباكر للرقص والتدرب وينتهون منها عند الظهيرة، كما يقومون عند نهاية كل أسبوع بمسابقات مع الأحياء الأخرى على مستوى العاصمة والفرقة الرابحة تجبر الخاسرة منها على تسليم أحسن راقص أو راقصة للأخرى، كما عرضوا لنا بعض رقصاتهم، والتي أثارت دهشتنا، إضافة الى بعض الأشياء التي لا يستطيع القيام بها غيرهم كالتسلق بالجدران والقفز من جدار لآخر ومن شجرة لأخرى وبأشياء أخرى يعجز المرء القيام بها
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/09/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : المشوار السياسي
المصدر : www.alseyassi.com