منحة الأبطال ومحنة القارات!

* بقلم: خلدون الشيخ
ستكون سنة 2024 استثنائية بكل المقاييس فعلى الصعيد الكروي ستقام للمرة الاولى كل المنافسات القارية في هذا العام فيوم الجمعة انطلقت كأس آسيا والسبت انطلقت كأس أمم إفريقيا وفي الصيف المقبل ستقام يورو 2024 في ألمانيا في توقيت مشابه لمنافسات كأس أمم أمريكا الجنوبية المعروفة باسم كوبا أميريكا لكن شتان ما بين تقدير الأبطال في كل قارة.
ربما على صعيد المنتخبات فان المكافآت المالية تعتبر رمزية ولا تغير الكثير من قدرات الفريق مقارنة مثلاً بالأندية فالفريق الذي يشارك في مسابقة دوري أبطال أوروبا فان ما يحصل عليه من مكافآت مجزية ستعينه على تقوية صفوفه ودعم خطوطه بشراء لاعبين أفضل استعداداً للموسم التالي ليتحسن أكثر مقارنة بأقرانه من الفرق الأخرى في دوريه لكن المكافآت التي تحصل عليها المنتخبات من مشاركاتها الدولية والقارية فان تأثيرها على تقوية الخطوط تكون محدودة بل تطوير المنتخب في الواقع ليس مقتصراً اطلاقاً على ثراء الاتحاد وقيمة المكافآت التي تتحصل عليها منتخباته المختلفة من مشاركاتها الدولية والفارق الذي قد يحصل بسبب ثراء الاتحاد هو في القدرة على تجهيز المنتخب للاستحقاقات القادمة من حجز معسكرات تحوي كافة التجهيزات الاحترافية مروراً بالقدرة على تعيين جهاز تدريبي مقتدر او ذات سمعة عالمية لكن يبقى الأساس هو المواهب المتوافرة من اللاعبين لدى كل اتحاد وهو ما لا تستطيع المكافآت المالية تغييره.
ومع ذلك فان الفارق شاسع جداً بين ما سيتقاضاه بطل أوروبا هذا العام وما ستتقاضاه بقية ابطال القارات فبطل آسيا سيتقاضى 5 ملايين دولار من أصل 14.8 مليون دولار هي مجموع قيمة مكافآت مشاركة المنتخبات في البطولة وسيكون مجموع ما ستحصل عليه فرق الدور نصف النهائي الأربعة على 10 مليون دولار فيما تحصل الفرق العشرون الأخرى على 4.8 مليون دولار بينها قيمة 200 الف دولار فقط قيمة المشاركة في البطولة في حين سيحصل وصيف البطل على 3 ملايين دولار ومليون دولار لكل من الخاسرين في الدور نصف النهائي علما ان مجموع الجوائز والمكافآت ظل على حاله من الدورة السابقة في 2019.
أما في إفريقيا فان مجموع الجوائز والمكافآت ارتفع 40 حيث سيحصل البطل على 7 مليون دولار بدل 5 ملايين دولار حصل علها بطل 2021 علماً أن مجموع الجوائز هو ذاته في قارة آسيا 14.8 مليون دولار فيما سيحصل وصيف بطل إفريقيا على 4 ملايين دولار فيما يحصل الطرفان الخاسران في الدور نصف النهائي على 1.5 مليون دولار لكل منهما.
لكن بالمقارنة وبفارق شاسع جداً فان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) خصص مبلغ 30.9 مليون دولار للبطل في حال نجح باحراز اللقب والفوز في كل مبارياته في دور المجموعات في حين سيحصل وصيفه على 27.9 مليون دولار علماً أن البطولات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا) تقام مبارياتها بنفس الآلية بمشاركة 24 فريقاً مقسمة على 6 مجموعات ويتأهل أفضل 16 فريقا الى الدور التالي وهو أدوار خروج المغلوب لكن في أمريكا الجنوبية فان آلية المشاركة مختلفة وعادة هناك 10 منتخبات من القارة تشارك باستمرار بالاضافة الى بعض الضيوف المتغيرين لكن بطل كوبا أميريكا سيحصل على 10 ملايين دولار ووصيفه يحصل على 5 ملايين دولار.
وفي حين أن البعض قد يزدري اتحاد أكبر قارة في العالم الاتحاد الآسيوي لعدم قدرته على تخصيص مكافآت أكثر قيمة للمنتخبات المشاركة فان فكرة التسويق وبيع حقوق البث هي عادة ما تحدد مداخيل الاتحاد القاري من اجراء كل مسابقة ففي حين تعد بطولة كأس العالم الأكبر والانجح على صعيد المسابقات الدولية فان مداخيل الفيفا من اقامة مونديال قطر 2022 تخطت 6.3 مليار دولار لكن الاتحادات القارية لا تحلم بتحقيق أجزاء من هذا المبلغ (باستثناء أوروبا) لانها ببساطة لا تبيع حقوق نقل المباريات الى كل أنحاء العالم ولا تحوي في شراكاتها التسويقية أسماء كبيرة من المعلنين لهذا فان اتحادي آسيا وإفريقيا آثرا توسيع مشاركات الفرق في المسابقة الى 24 فريقاً لرفع رقعة المهتمين بحضور المباريات وبالتالي زيادة المسوقين والمعلنين أي زيادة المداخيل ولهذا السبب نستنتج ان الاتحاد الآسيوي يقاتل من اجل ضمان مشاركة الهند والصين في نهائياته أكثر من حرصه على مشاركة السعودية أو كوريا أو استراليا لأن الأولين لديهما القدرة البشرية المساوية لنصف التعداد السكاني للكرة الأرضية وضمان اهتمام شريحة من هذه التركيبة السكانية بالبطولة سيكون له تأثير تسويقي واعلاني هائل ينعكس بايرادات مالية ضخمة وهو ما يتمناه الاتحاد الآسيوي حتى لو كان على حساب فنيات البطولة فحلحلة محنة الاتحادات القارية تقود عادة الى منحة أكبر للاتحادات الوطنية.