الجزائر

من هنا نبدأ..



لا نأتي بجديد إذا قلنا إن «العلوم الإنسانية»، بكلّ حقولها المعرفية، ظلت على الدّوام - في المخيال الجزائري - نوعا من التّرف الفكري، وأنها في مجملها، لا تتجاوز (الهلوسات) شعرية ونثرية، وأنها مجرد (كلامولوجيا) لا تنفع ولا تضرّ، واقتنع الناس بأن الفلسفة وعلوم النفس والاجتماع واللغة والآداب، مما يدخل في باب اللّهو واللّغو..ولا نأتي بجديد كذلك، إذا قلنا إن العمل، مهما كان حقله، إنما يقوم به الإنسان، وهو يحتاج إلى كفاءة واقتدار ورؤية واضحة، حتى يستطيع القيام بواجباته. فإذا تحدّثنا عن نشاط اقتصادي مثلا، يمكن أن يتخيّل بعضهم أن أبوابه موصدة أمام كل ما هو من العلوم الإنسانية، على أساس أن حقل المال والأعمال يحتاج التكنولوجيات العالية، والحسابات الدقيقة، ولا مكان فيه للشعر والموسيقى، وما يدخل في أبواب الترف والتسلية. غير أن الأمر يمكن أن يختلف إذا قدّرنا – على سبيل المثال – أن المؤسسة الاقتصادية الناجحة، تحتاج إلى «إشهار» كي تبسط سلطانها، وتحتاج إلى «خطاب» كي تؤسس لنفوذها، وتحتاج إلى قراءات دقيقة للواقع الاجتماعي الذي تخاطبه كي ترسخ نشاطها، ما يعني أن الاقتصاد الناجح، هو الذي يعرف كيف يوظف المعرفة، وأن العلوم الإنسانية لها دورها الريادي في نجاح العمل الاقتصادي، وليست مجرّد هدر للوقت، ف «الخطاب» يحتاج «اللغة»، والإقناع يحتاج حصافة الرؤية، ما ينتهي بنا إلى الاتفاق على أن «الومضة الإشهارية» الناجحة، هي خلاصة لمجموعة من المعارف العلمية الإنسانية، ولا تصنعها الصدفة..
ولا نشك مطلقا بأن الجزائر ستحقق الانتقال الاقتصادي النوعي، وستكون قوة اقتصادية ضاربة، فقد رأينا الرئيس تبون وهو يرفع صرح العلوم الإنسانية ويستعيد لها مكانتها في المنظومة العامة، و»ثانوية الفنون» التي يحرص عليها الرئيس، إنما هي عمود هام في البناء الاقتصادي، وهذا ما ينبغي أن تستوعبه ساحة الثقافة..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)