من هدي النّبوة ''إنّما أنَا بشرٌ وإنّكم...''

عن أمِّ سَلمة، رضي الله عنها، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: إنّما أنَا بشرٌ وإنّكم تختصمون إليَّ، ولَعَلَّ بعضَكُم أن يكون أَلْحَنَ بِحُجَّتِه من بعض، فأقْضِي له بنحو ما أسْمَع، فمَن قضيتُ له بحقِّ أخيه فإنّما أقْطَعُ لهُ قِطعة من النّار متفق عليه. فقوله صلّى الله عليه وسلّم إنّما أنَا بشر ، ابتدأ الحديث بهذه الجملة تنبيهاً على أنّ السّهو والنسيان غير مستبعد من الإنسان. وقوله وإنّكم تختصمون إليَّ، ولَعَلَّ بعضَكُم أن ، قال الطيبي: زائدة تشبيهاً لِلَعلَّ بِعَسَى، أي لعلّه. وقوله يكونَ ألحنُ ، أي أفصح أو أفطن. وقوله بحُجَّتِه من بعض ، فيُزيِّن كلامه، حيث أظنُّه صادقاً في دعواه. وقوله فأقضي له بنحو ما أسمَع ، قال الراغب: اللّحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه إمّا بإزالة الإعراب والتّصحيف وهو مذموم، وذلك أكثـر استعمالاً. وقوله فمَن قضيتُ له بحقِّ أخيه ، لظاهر بيانه وحجّته وهو يعلَم أنّه مبطل في نفس الأمر، فلا يأخذه. وقوله فإنّما أقطع له ، أي أُعين له بناء على ظاهر الأمر. وقوله قطعة من النّار ، أي فهو حرام يؤول به إليها.