الجزائر

من كتاب معالم قرآنية في صراعنا مع اليهود



 إنّ اختلاف العادات والتّقاليد بين العرب واليهود يُشكّل بحد ذاته عنصراً أساسياً في دحض نظرية المنحدر المشترك، هذا الخلاف الّذي تؤكّده التوراة بما ينسبه لأصحابه من العادات والتّقاليد الّتي يندى لذكرها الجبين والّتي لا يمكن أن تتّفِق مع ما عرف عن العرب من التمسك بالفضائل والمكارم عبر التاريخ.
وإنّ ما ورد في قصص التوراة عن إصرار أسلاف اليهود وخاصة رسول الله إبراهيم عليه السّلام بتزويج أبنائهم من بنات قومهم المشركات اللّواتي كُنّ يسكنّ في بلاد الكلدان البعيدة بدلاً من تزويجهم من بنات العرب القاطنات بالقرب منهم وما في ذلك من توفير للمال واجتناب للمشقّة والأخطار، لهو وحده كاف لتكذيب بدعة وحدة المنحدر، لأنّه كان من المفروض على نبي الله إبراهيم عليه السّلام الّذي وُلِد عام 292 بعد الطوفان أن يكون عالماً بهذه الصِّلة العرقية وأن لا يفرّق بين بنات الكلدان وبنات العرب المنحدرات (على حد زعم التوراة) من صلب قحطان شقيق جدِّه الرابع (الحفيد الثالث لسام والّذي عاش قبل قرن واحد من ميلاد إبراهيم عليه السّلام) باعتبارهن جميعها من صلب سام.
فلو كان سيّدنا إبراهيم يعتقد فعلاً أنّ العرب هم من أحفاد قحطان لما فرّق بين بناتهم وبنات الكلدان، ولوفّر على قيام بنته مشقة السفر الطويل وعلى ابنه بذل المال الوفي لو سمح له الاقتران بعربية، أما أنّه لم يفعل فهذا يدل صراحة على أنّ اليهود كانوا لا يعترفون قبل ظهور التوراة بهذه الصِّلات ولا يعلمون بها ولم تكن في يوم موضع بحث لديهم إلاّ عندما أصبحَت لهم فيها مآرب فابتدعوها لربط مصير العشائر العربية كآدوم وسعير وكالب بمصيرهم لأغراض سياسية.... ومنها إرغام هذه العشائر العربية على التعاون معهم وإبقائها تحت سيطرتهم بيد أنّ هذه العشائر العربية أحجمت على الانسياق وراء هذه المزاعم، فظلَّت على مقاومة اليهود ودام النزاع بينهما حتّى عهد الرومان.
ويظهر جلياً ممّا سبق ذكره عقم نظرية المنحدر المشترك، ولكن ما حيلتنا فالقضية أصبحت شبه مُسلَّم بها لما مَرّ عليها من الزمن الطويل ولما أحاط بها من التباس وغموض، والكلّ مفتعل ومقصود بغية التّمويه عن الجرائم الّتي اقترفها اليهود في شبه الجزيرة بحق العرب والعروبة مثل جريمة الملك العربي (ذو نواس) وشعبه وتحريضه على محو عرب نجران من الوجود وإرغامهم على اعتناق اليهودية، والمذابح العربية الّتي أقْدَم عليها القاضي جدعون ومَن تولَّى مِن أترابه القضاء في إسرائيل من بعده.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)