ذَكَر الإمام ابن سعد في طبقاته: ''إنّ جماعة من اليهود مَرُّوا على ظئره يعني مرضعته حليمة رضوان الله عليها، فقالت لهم: ألاَ تحدّثوني عن ابني هذا فإنّي حملته كذا ووضعتُ كذا ورأيتُ كذا كما وصفت أمّه، فقال بعضهم لبعض: اقتلوه، فقالوا: أيتيم هو؟ فقالت حليمة: لا هذا أبوه وأنا أمُّه، فقالوا: لو كان يتيماً لقتلناه، فذهبت به حليمة وقالت: كدت أخرِّب أمانتي''.
ولمّا كان عمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ست سنوات أخذته أمُّه آمنة إلى المدينة المنورة لزيارة أخوال أبيه عبد الله وكانت معهما حاضنته أمُّ أيمن رضي الله عنها، وهناك رآهُ يهود يثرب فتحدّثوا عنه وسمعتهم حاضنته فتوجّسَت عليهم منهم وأبلغت سيّدتها فرحلوا عائدين إلى مكة. ويضاف إلى هذا الكيد اليهودي للرّسول صلّى الله عليه وسلّم العداء الشّديد الّذي تلقاه من اليهود بعد النّبوة المباركة في مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد الهجرة على السّواء، لقَد روت كتب السِّيرة النّبويّة والتاريخ عن سيّدتنا صفية بنت حُيَي بن أخطب زوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رضي الله عنها أنّها قالت: ''لم يكن أحد من ولد أبي وعمّي أحَبّ إليهما منّي، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إليهما إلاّ أخذاني دونه''، فلمّا قَدِم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قباء غَدَا إليه أبي وعمّي أبو ياسر بن أخطب مغلسين (عند الفجر) فوالله ما جاءانا إلاّ مع مغيب الشّمس. فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششتُ إليهما كما كنتُ أصنع، فوالله ما نَظَرَ إليَّ واحد منهما، فسمعتُ عمّي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله. قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله: قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت''.
ولقد تمثّلَت هذه العداوة اليهودية الحاقدة ضدّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عدّة حوادث حاولوا فيها اغتياله: إمّا بإلقاء حجر عليه كما فعل يهود بني النّضير أو بتأليب الأحزاب العربية المشركة لمهاجمته في المدينة كما فعل حُيَيْ بن أخطب وأمّا بوضع السُّمَّ له في الشّاة المشوية كما فعلت تلك المرأة اليهودية يوم خيبر، ولولا عصمة الباري سبحانه وتعالى لهَلَكَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولهلك الإسلام بالكلية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/04/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الشيخ الظاهر بدوي
المصدر : www.elkhabar.com