الجزائر

من كتاب بأكرم الخلق كنّا أكرَم الأمم



إنّ إنكار المنكر بالقلب، معناه احتفاظ هذا القلب بإيجابيته تجاه المنكر، إنّه ينكره ويكرهه ولا يستسلم له، ولا يعتبره الوضع الشّرعي الّذي يخضع له ويعترف به. وإنكار القلب لوضع من الأوضاع قوة إيجابية لهدم هذا المنكر، ولا قامة الوضع المعروف في أوّل فرصة تسنح، وللتربص بالمنكر حتّى تواتي هذه الفرصة، وهذا كلُّه عمل إيجابي في التّغيير وهو على كلّ حال أضعف الإيمان فلا أقلّ مِن أن يحتفظ المسلم بأضعف الإيمان، أمّا الاستسلام للمُنكر لأنّه واقع ولأن له ضغطاً، قد يكون ساحقاً، فهو الخروج من آخر حلقة والتّخلي حتّى عن أضعف الإيمان. هذا وإلاّ حقَّت على المجتمع اللعنة الّتي حقّت على بني إسرائيل.
ومَن يمعن النّظر في حال أمّتنا الإسلامية يجدها شبيهة بالّذين قال عنهم جلّ علاه: ''لُعِن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابنِ مريمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وكانُوا يَعْتَدُون كانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنْكرِ فعَلُوه لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُون'' المائدة7879، فهي المعصية والاعتداء، يتمثلان في كلّ صورهما الاعتقادية والسّلوكية على السواء. وقد حفل تاريخ بني إسرائيل بالمعصية والاعتداء كما فصَّل الله في كتابه الكريم، ولم تكن المعصية والاعتداء أعمالاً فردية في مجتمع بني إسرائيل، ولكنّها انتهت إلى أن تصْبَح طابع الجماعة كلّها وأن يسكت عنها المجتمع ولا يقابلها بالتناهي والنّكير.
إنّ العصيان والعدوان قد يقعان في كلّ مجتمع من الشّريرين المفسدين المنحرفين، فالأرض لا تخلو من الشّرِّ والمجتمع لا يخلو من الشُّذوذ، ولكِن طبيعة المجتمع الصّالح لا تسمح للشّرِّ والمُنكر أن يصبحَا عرفاً مصطلحاً عليه وأن يصبح سهلاً يجترئ عليه كلّ من يَهُم به، وعندما يصبح فعل الشّرِّ أصعب من فعل الخير في مجتمع من المجتمعات ويصبَح الجزَاء على الشّرِّ رادعاً وجماعياً تقف الجماعة كلّها دونه، وتوقع العقوبة الرّادعة عليه، عندئذ  ينزوي الشّرِّ وتنحسر دوافعه، وعندئذ يتماسك المجتمع فلا تنحل عُرَاه، وعندئذ ينحصر الفساد في أفراد أو مجموعات يُطارِدُها المجتمع بكامله ولا يسمح لها بالسيطرة وعندئذ لا تشيع الفاحشة ولا تصبح هي الطابع العام!!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)