إنّ المنافقين والمنافقات مع وحدة طبيعتهم لا يبلغون أن يكونوا أولياء بعضهم لبعض. فالولاية تحتاج إلى شجاعة وإلى نجدة وإلى تعاون وإلى تكاليف، وطبيعة النِّفاق تأبى هذا كلّه ولو كان بين المنافقين أنفسهم. إنّ المنافقين أفراد ضعاف مهازيل، وليسوا جماعة متماسكة قوية متضامنة على ما يبدو بينهم من تشابه في الطبيعة والخلق والسُّلوك.
والقرآن الكريم لا يغفل عن هذا الوصف الدقيق {المنافقون والمنافقات بعضُهُم مِن بعض}. وأمّا طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمّة المؤمنة، طبيعة الوحدة وطبيعة التكافل ولكنّه التضامن في تحقيق الخير ودفع الشرّ... {بعضُهُم أولياء بعض} يتّجِهُون بهذه الولاية إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإعلاء كلمة الله، وتحقيق الوصاية لهذه الأمّة في الأرض. فليس لهم هوى غير أمر الله وأمر رسوله ولا يكون لهم دستور إلاّ شريعة الله ورسوله ولا يكون لهم منهج إلاّ دين الله ورسوله ولا يكون لهم الخيرة إذا قضى الله ورسوله، وبذلك يوحّدون نهجهم ويوحّدون هدفهم ويوحّدون طريقتهم فلا تتفرَّق بهم السُّبل عن الطريق الواحد المستقيم {أولئك سَيَرْحَمُهُم اللهُ إنّ اللهَ عزيزٌ حكيمٌ}. والرّحمة لا تكون في الآخرة وحدها، حيث النّعيم الأبدي المقيم وحيث الجنّات والحور والأنهار والخيرات وحيث رضوان الله الأكبر الذي يتضَاءَل في هالاته كلّ نعيم.. إنّما تكون هذه الرّحمة في هذه الأرض أوّلاً ورحمة الله تشمل الفرد الذي ينهَض بتكاليف الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وإقامة الصّلاة وإيتَاءِ الزّكاة، وتشمل الجماعة المكونة من أمثال هذا الفرد الصّالح. رحمة الله في اطمئنان القلب وفي الاتصال بالله وفي الرِّعاية والحماية من الفتن والأحداث ورحمة الله في صلاح الجماعة وتعاونها وتضامنها واطمئنان كلّ فرد للحياة واطمئنانه لرضاء الله سبحانه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الشيخ الطاهر بدوي
المصدر : www.elkhabar.com