الجزائر

من كتاب ''بأكرم الخلق كنّا أكرَم الأمم''


 كان لحادث الفيل أثر مضاعف في زيادة حُرمة البيت عند العرب في جميع أنحاء الجزيرة العربية كما يُبيِّن ذلك صاحب الظلال رحمه الله في لطائفه، وزيادة مكانة أهله وسدنته من قريش ممّا ساعدهم على أن يسيروا في الأرض آمنين، حيثُما حلُّوا وجدوا الكرامة والرعاية، وشجّعهم على إنشاء خطين عظيمين من خطوط التِّجارة عن طريق القوافل، إلى اليمن في الجنوب وإلى الشّام في الشمال وإلى تنظيم رحلتين تجاريتين ضخمتين: إحداهما إلى اليمن في الشتاء والثانية إلى الشام في الصيف.
ومع ما كانت عليه حالة الأمن في شِعاب الجزيرة العربية من سوء، وعلى ما كان شائعاً من غارات السلب والنهب، فإن حُرمة البيت في أنحاء الجزيرة قد كفلت لجيرته الأمن والسلامة في هذه التجارة المغرية، وجعلت لقريش بصفة خاصة ميزة ظاهرة، وفتحت أمامها أبواب الرِّزق الواسع المكفول، في أمان وسلام وطمأنينة، وألفت نفوسهم هاتين الرحلتين الآمنتين الرابحتين، فصارتَا لهم عادة وإلفاً.
ويمضي الإمام سيد قطب رحمه الله في تحليله اللّطيف لهذه النِّعمة الكبرى الّتي أسبغها سبحانه وتعالى على قريش من حماية للبيت ورزق مضمون وعيش في أمن وسلام، ويقول: يقول لهم: مِن أجل إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رَبَّ هذا البيت الّذي كَفَل لهم الأمن، فجعل نفوسهم تألف الرحلة وتنال من ورائها ما تنال {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت الّذي أطْعَمَهُم مِن جُوع}.. وكان الأصل بحسب حالة أرضهم أن يجوعوا فأطعمهم لله وأشبَعَهُم من هذا الجوع {وَآمَنَهُم مِن خَوْف}.. وكان الأصل بحسب ما هُم فيه من ضعف وبحسب حالة البيئة من حولهم أن يكونوا في خوف فآمنهم من هذا الخوف .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)