الجزائر

من كتاب بأكرم الخلق كنّا أكرَم الأمم



 إنّ صفة صحابة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، كما عرَّفهم الله تعالى في التوراة المنزّلَة على سيّدنا موسى الكليم، وبشّر الأرض بها قبل أن يجيئوا.. {وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيل}.. وصفتهم في بشارته بسيّدنا محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، ومَن معه {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأهُ}، فهو زرع نام قوي، يخرج فرخه من قوته وخصوبته، ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشُدُّه {فَآزَرَهُ}، أو أنّ العود آزر فرخه فشدَّهُ {فَاسْتَغْلَظَ} الزّرع وضخمت ساقه وامتلأت {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}، لا معوجاً ولا منحنياً، ولكن مستقيماً قوياً سوياً.
هذه صورته في ذاته. فأمّا وقعه في نفوس أهل الخبرة في الزّرع، العارفين بالنّامي منه والذابل، المثمر منه والبائر، فهو وقع البهجة والإعجاب، يعجب الزّراع وفي قراءة يعجب الزّارع، وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، صاحب هذا الزّرع النّامي القوي المخصب البهيج. وأمّا وقعه في نفوس الكفّار، فعلَى العكس تماماً، فهو وقع الغيظ والكمد {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}.. وتعمّد إغاظة الكفار يوحي بأنّ هذه الزرعة هي زرعة الله وزراعة رسوله المبعوث رحمة للعالمين، وأنّهم ستار للقدرة وأداة لإغاظة أعداء الله. وهكذا، يثبت الله في كتابه الخالد صفة هذه الجماعة المختارة، صحابة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فتثبت في صلب الوجود كلِّه، وتتجاوب بها أرجاؤه، وهو يستمع إليها من بارئ الوجود سبحانه وتبقَى نموذجاً للأجيال، تحاول أن تحقّقُها لتحقّق مع الإيمان في أعلى الدرجات.
وفق هذا التّكريم، وَعَد الله تعالى لهم بالمغفرة والأجر العظيم.. والرِّضى وحده أجرٌ عظيمٌ، ولكنّه الفيض الإلهي بلا حدود ولا قيود، والعطاء الإلهي غير مجذوذ.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)