الجزائر

من شدّ الأحزمة إلى... ستروس كان



أدخلت فضيحة جنسية المدير العام لصندوق النقد الدولي إلى السجن، حيث يواجه في حال إثبات التهم الموجهة إليه عقوبة السجن تصل مدتها حتى إلى سبعين سنة. والمؤسف في الأمر أن القيادي في الحزب الاشتراكي الفرنسي دومنيك ستروس كان متابعا بالتحرش الجنسي ضد امرأة من أصول إفريقية ''من غينيا'' تعمل في أحد الفنادق الأمريكية، وهو ما يجعل الجرم المرتكب من قبل الرجل الأول في الأفامي، بمثابة جريمة مضاعفة.
إذ في الوقت الذي يمارس صندوق النقد الدولي كل أشكال النفوذ من أجل الحفاظ على مردودية أموال الدول الكبرى الغنية من خلال إخضاع الدول الضعيفة والفقيرة تارة إلى مساومات من أجل منحها القروض وتارة إلى قهرها بتنفيذ وصفات صارمة لخفض النفقات الاجتماعية، وهي تحرشات مالية واقتصادية ضد الأنظمة التي لا تساير الخط، نجد المدير العام لصندوق النقد الدولي يقوم ''عيني عينك'' بنفس الفعل، ليس على النساء السويديات أو الفنلنديات أو الفرنسيات، بل على امرأة عاملة بسيطة من أصول إفريقية، وكأن ما يقوم به الأفامي من فض لبكرة سيادة دول الجنوب عن طريق ممارسة سياسة الـ''تقطير'' في منح القروض والمساعدات، غير كاف لوحده ويقتضي مزيدا من المساومات الأخرى.
ومن دون شك أن التحرش الجنسي الذي تسبب فيه دومنيك ستروس كان، وهو ممثل أرباب المال في العالم، لهذه المرأة السوداء ذات الأصول الغينية، سيحدث لها مشاكل وآثارا نفسية عميقة، ليس من السهل تجاوزها، خصوصا وأن القضية تحظى بمتابعة إعلامية ضخمة في مختلف دول العالم، وهي تقريبا نفس الآثار الذي تركتها سياسة الأفامي ضد اقتصاديات العديد من دول العالم التي ''تكسرت'' من جراء ''وصفات'' العلاج التي طبقت عليها من قبل خبراء هذا الصندوق والتي كانت وراء حدوث ثورات وحروب أهلية في أكثـر من دولة، كما كان الحال في الأرجنتين في بداية عام 2000، حيث اقترح عليها الصندوق بيع شركة المحروقات لتسديد ديونها، قبل أو يؤدي ذلك إلى ثورة عارمة في شوارع بيونس أيرس.
لقد ظل صندوق النقد الدولي في الظاهر يطلب من حكومات العالم الثالث أن تفرض على شعوبها سياسة ''شد الأحزمة''، وذلك لسبب بسيط، حتى يتمكن في كل الظروف من استرجاع قروضه بمعية الفوائد عليها، لكن في الخفاء يمارس دومنيك ستروس كان سياسة إعادة الجدولة بطريقته الخاصة ضد بنات القارة السمراء، والنتيجة أن دولا كانت ''واقفة'' تفتت وتفسخت وأضحت أثرا بعد عين، على غرار كوت ديفوار، وشعوب دفعت ضريبة الدم والدموع ومع ذلك لم تتخلص من الديون الربوية التي كبّلها بها الأفامي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)