تنطلق هذه الورقة من فرضية أساسها العلاقة الوثيقة بين لغة الخطاب بمستوياتها وجوانبها المختلفة وما تعكسه من تفاوت في موازين السلطة والهيمنة داخل المجتمع. فالمواضعات اللغوية كما تتجسد في أنواع مختلفة من الخطاب هي من وجهة نظر لسانية اجتماعية ذات علاقة مزدوجة بمفهوم السلطة : إذ تعكس فروقاً في "موازين القوة والنفوذ" بين المنشئ والمتلقي، من جهة؛ وتنبع من جهة أخرى من علاقات "سلطوية" بينهما لها طابع أيديولوجي خاص تسهم في بنائه وتعزيزه. وتتجاوز علاقات السلطة هذه كلاًّ من المنشئ والمتلقي لتشمل المنظومة الاجتماعية التي ينتميان إليها، باعتبارها ثمرة تطورات ورؤى ومواقف فكرية يمرّ بها المجتمع.
ولعل الخطاب الإشهاري التجاري مثال نموذجي على تلك الأنواع من الخطاب الموجَّه المتسلط الذي ينبني على خلفيات أيديولوجية صارخة، واللغة فيه مسخرة بأدواتها ومستوياتها المختلفة لتكريس أوضاع اجتماعية راهنة/ مستجدة، وفرض أنماط من السلوك طارئة/ مغايرة، وخدمة قيم وتوجهات فكرية واجتماعية معيَّنة هي فيما يبدو جزء من سياسة العولمة. من هنا كان الانتقال الذي تتبنّاه هذه الورقة من تحليل الخطاب إلى التحليل النقدي للخطاب، أي من تحليل الآليات التي يسخّرها المتخاطبون لتحقيق التواصل إلى تحليل العوامل التي تحكم اختيار تلك الآليات والكيفية التي تستعمل بها لخدمة توجهات معينة، وتكريس قيم ومقاصد تنبني على أيديولوجيات معينة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/09/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - الزليطني محمد لطفي
المصدر : الخطاب Volume 9, Numéro 17, Pages 9-36 2014-01-01