من الملك فهد إلى أمير قطر صحراء الجزائر تستهوي كبار أمراء وملوك الخليج

تتفق شهادات عمال جزائريين عملوا في خدمة أمراء كبار وملوك من دول الخليج، على ولع أمراء  الخليج الكبير بجودة لحوم الصيد الجزائرية،من ناحية المذاق المذهل والمتميز.
بلغ ولع بعض الأمراء والمسؤولين الخليجيين بممارسة الصيد بـ''المقناصة'' التي يُعرف بها الخليجيون، وتتمثـل في هواية صيد طائر الحبّار بواسطة الطيور الجارحة، حد الإلحاح في طلب رخص ممارسة صيد هذا الطائر، وهو ما تحقق لهم بعدما وافقت الجزائر على السماح لهم بممارسة هوايتهم مجدّدا.
فبعد حظر دام أكثـر من 6سنوات، استقبلت الصحراء الجزائرية في الأشهر الأولى من عام 2010 أمراء مهمين من دول الخليج، مارسوا هواية صيد طائر الحبّار على طريقة المقناصة، منهم أمير دولة قطر ورئيس وزرائه ووزير دفاعه ووزير الداخلية السعودي ونجل العاهل السعودي، إلى جانب أمراء آخرين من الإمارات والكويت، في كل من ولايات الأغواط، بشار، غرداية، البيض وبسكرة.
وكشف مقرّبون من الأمراء والمسؤولين الخليجيين الذين حلّوا بالجزائر لممارسة المقناصة خلال الموسم الماضي (الفترة ما بين نوفمبر 2009 ومارس 2010)، أنهم كانوا جميعا من كبار المسؤولين وأعمدة الحكم في بلدانهم.
وقد تقرّر السماح للسعوديين بممارسة المقناصة في إقليم ولايتي غرداية وبشار. أما القطريون، فقد حصلوا على أفضل المواقع لممارسة المقناصة بولاية البيض، في مناطق بريزينة ولبيض سيد الشيخ. أما الكويتيون، فقد سمح لهم بممارسة الصيد في ولايتي الأغواط والجلفة، خاصة في مناطق محيقن وزرقون بولاية الأغواط. أما بالنسبة للإماراتيين، فقد تخلّف أحد كبار مسؤولي إمارة أبو ظبي عن القدوم، فحلّ محله أمراء من ذات الإمارة في منطقة سهبية بولاية بسكرة.
من الملك فهد إلى الشيخ حمد بن خليفة والأمير نايف
يقول السيد قاسمي عبد الله، وهو مختص في الكهرباء وكان أحد عمال مخيّم الأمير نايف وزير الداخلية السعودي، إن هذا الأخير (الأمير السعودي) تنقل عبر ولايات البيض، الأغواط وغرداية، ومارس الصيد في صحارى هذه الولايات خلال شهر مارس .2010 ويضيف المتحدث أن عدد الحراس الخاصين والخدم والحشم القائمين على خدمة الوزير بلغ أكثـر من 40 وكان طعامهم يكلف يوميا أكثـر من 20 مليون سنتيم، دون احتساب ميزانية طعام العمال الجزائريين، ناهيك عن طعام الوزير الذي يعتبر خاصا جدا. وكان عدد السيارات التي جلبت مباشرة من السعودية خمس، تم جلبها في رحلة جوية.  ويقول محدثـنا إن الزيارة أحيطت في حينها بسرية بالغة، ''حيث طلب منا عدم الحديث عنها لأي أحد''، وفي العادة، يتكفل وكيل جزائري بتسيير الأمور التموينية للمخيّم من جلب للماء، الطعام والوقود. 
أما السيد قادري محمد، 55 سنة، فيقول إن أول من اشتد ولعه بالصحراء الجزائرية وممارسة الصيد فيها هو الملك فهد. وكان ذلك عام 1983 حين زار الجزائر عدة مرات، وكان يرافقه في حينه كبار المسؤولين الجزائريين، وقد قرّر إقامة مستودع لتخزين معدات لوازم المقناصة في غرداية، وهو موجود إلى حد الآن.
قصور في شكل خيم وأموال طائلة لرحلات ''المقناصة''
ويقيم أمراء الخليج في خيم هي أشبه بالقصور في الصحراء، إلى درجة أن الداخل إلى بعض هذه الخيم لا يصدق أبدا بأنه موجود في مخيّم بالصحراء.
ويقول السيد محمد قادري الذي عمل على مدى أكثـر من 30 سنة في خدمة الخليجيين في الصحراء، إن كبار المسؤولين والأمراء الخليجيين ينقلون مخيّماتهم بطائرات شحن خاصة، تنزل في أغلب الحالات في مطار حاسي الرمل، وتنقل بالشحنات إلى موقع المخيّم الذي يتحوّل إلى ورشة عمل تدوم عدة أيام قبل وصول الأمير.
وفي العادة، يستغل المخيّم من قبل أحد كبار الأمراء، ثـم من قبل أمير أقل مرتبة منه لاحقا، ثـم يعود إلى بلده. وبالنسبة للسعوديين، فإن لديهم مستودعات ضخمة في منطقة واد نشوا بغرداية، تخصص لتخزين الخيم.
ويأتي عادة كبار المسؤولين محاطين بحاشية من الخدم من جنسيات مختلفة، خاصة اليمنيين والفلبينيين والهنديين. ويُحضر على غير الخدم المقرّبين والحرس الخاص الدخول أو الاقتراب من خيمة الأمير. هذا بالنسبة لكبار الشخصيات. أما بالنسبة للذين هم أقل منهم درجة، فإن مظاهر البذخ تتقلص لديهم بعض الشيء. أما مصالح الأمن والجيش والدرك، فتهتم بتوفير أقصى درجات الحماية للزوّار، من ناحية المواكبة والمراقبة والسهر على تطبيق التعليمات التي تتعلق بمنع صيد الغزلان وحيوان الأروي المهدّد بالانقراض.
25 ألف دولار مقابل العثـور على صقر مفقود
وينقل السيد قاسمي قصة واقعية حدثـت لأحد كبار الأمراء القطريين، حين فقد في الصحراء عام 2009 أحد أعز وأندر الصقور المتخصصة في الصيد لديه، فحزن لذلك حزنا شديدا بعدما اجتهد في البحث عنه ليومين كاملين، قبل أن يعلن أمام عدد من المرافقين الجزائريين بأنه مستعد لمنح مبلغ 200 مليون سنتيم لكل من يجد له هذا الصقر الضائع، ليجتهد بدو رحل جزائريون في حملة بحث دامت عدة أيام في المنطقة، لكن دون جدوى. وقد سمع صاحب الرواية من مقرّبين من الأمير بأن الصقر الضائع لا يقل ثـمنه عن 50 ألف دولار.     
أغنام جزائرية في قصر أمير سعودي
وقال السيد محمد قادري إن أغلب أمراء الخليج، خاصة السعوديين، لا يستهويهم شيء أكثـر من الذبائح، خاصة الأغنام الجزائرية من سلالة أولاد جلال وسلالة السوفر، إلى درجة أن أحد أمراء السعودية في عام 2000 نقل 4 رؤوس ماشية منتقاة بالطائرة من مطار حاسي الرمل إلى السعودية، حتى يحصل منها على خراف.
ويطلب أمراء من قطر والكويت والإمارات كل سنة الترفاس أو الكمأة الجزائرية بالهاتف فور ورود الأخبار بتوفرها في الصحراء، حيث يقولون إن لها مذاقا لا يوجد له مثـيل في العالم، وخلال تواجدهم في الجزائر يشترونها بأي ثـمن، وهو ما يتم عادة مع الترفاس الذي يصل سعر الكيلوغرام منه إلى 5 آلاف دينار.
أما السيد بلقاسم شتوري، وهو عامل آخر عمل مع السعوديين القطريين في ذبح الخراف، فقال إن أحد أهم الأمراء في المملكة العربية السعودية قضى أكثـر من 20 يوما وهو يمارس المقناصة في السهوب بولايتي بشار وغرداية.
وحسب السيد شتوري الذي رافق عدة بعثـات صيد، فقد اصطاد الخليجيون الموسم الماضي أكثـر من ألفي طائر حبّار عبر 5 ولايات سهبية جزائرية، علما أن موسم المقناصة الماضي شهد قدوم أكثـر من 30 أميرا، منهم الشيخ حمد بن خليفة آل ثـاني، أمير دولة قطر، ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثـاني، والشيخ تمام، و6 أمراء من الأسرة القطرية الحاكمة، منهم وزير الدفاع.
أما من العربية السعودية، فقد كشف مصدر على صلة بأن 11 أميرا ومسؤولا سعوديا كبيرا حلّوا بالجزائر ابتداء من شهر نوفمبر 2009، منهم وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، واثـنين من أبناء العاهل السعودي، منهم الأمير مشعل بن عبد الله.