بعد سجالات وصراعات حول قوانين الإصلاح والمصادقة عليها من طرف البرلمان، شرعت الأحزاب في شحذ سيوفها استعدادا للمرحلة القادمة، وبدأت عمليات ''التمنشير'' وكل واحد يطمح لكسب مصداقية على حساب الآخر.أما المواطن، فإنه يواصل الاحتجاجات وقطع الطرقات وغلق مقرات الإدارات والبلديات، للمطالبة بتحسين ظروفه المعيشية، والتنديد بعدم وفاء المسؤولين بوعودهم، غير آبه بصراعات الأحزاب وتسابقها من أجل التموقع تحسبا للاستحقاقات القادمة.
ويعني هذا أن المصادقة على القوانين الجديدة لم تقنع المواطن بإرادة التغيير، لأنه يعتبر بأن الإشكال ليس في القوانين بقدر ما هو في التطبيق، ولأنه تعوّد أيضا على تناقض أقوال المسؤولين مع أفعالهم، وتلقى، عدة مرات، وعودا بانتخابات شفافة ونزيهة، ومع ذلك تم تزويرها.
لقد تمنينا أن تكون انطلاقة الإصلاحات بإجراءات وقرارات تمس الحياة اليومية للمواطن، وليس بقوانين جديدة تحدد وتدقق بعض الإجراءات التقنية استجابة لرغبات طبقة سياسية أثبتت فشلها وفقدت مصداقيتها، حتى وإن كانت بعض القوانين في حاجة إلى مراجعة.
تمنينا أن تبدأ السلطة إصلاحاتها بقرارات تعيد النظر بشكل جذري في طريقة تسيير شؤون المواطن والتصرف في المال العام وفرض احترام القانون، وبهذه الطريقة وحدها تسترجع ثقة الرعية وتقنعها بعمق الإصلاحات.
لكننا حتى الآن، لم نر شيئا ملموسا يدل على انطلاق الإصلاح، ومازلنا ننتظر تكفلا أفضل بمشاكلنا في الشغل، في التربية، في التعليم، في السكن وفي الصحة، حيث يبقى مرضى السرطان يترقبون وصول الأدوية، منذ عدة أشهر، وإلى غاية ذلك قد يموت الكثير منهم، فيما اكتفى وزير الصحة بطمأنة الرأي العام، في عدة مناسبات، بخصوص حسن العلاقة بينه وبين الوزير الأول ''سي أحمد''.
إن تغيير مثل هذه الأوضاع هو لب الإصلاح بالنسبة للمواطن، وهو لا يحتاج لقوانين جديدة، ولا لرأي الأحزاب ولا لعقد جلسات أو تشكيل لجان، بل لقرارات تضع فعلا الرجل المناسب في المكان المناسب، وتقضي على التعيينات في المناصب على أساس الولاءات أو رضوخا لأصحاب النفوذ، وترد الاعتبار للكفاءة والذكاء.
وحتى في المجال السياسي، ليس هناك ما يوحي بأن المشهد سيتغير، وكل المؤشرات تدل بأن ممارسات السنوات السابقة ستستمر، على الأقل لعهدة انتخابية أخرى، لأن شروط تجديد الطبقة السياسية غير متوفرة في الظروف الراهنة. والحال هذه لا يستبعد أن تكون نسبة المشاركة في الاستحقاقات القادمة أحد الهواجس الأساسية، وقد تنتخب مجالس بأقل من 30 بالمائة وتكون مثل سابقتها فاقدة للشرعية الشعبية. وعليه، فإن الرهان كل الرهان يكمن في إقناع المواطن بأن الممارسات ستتغير وأن ''موسى الحاج'' لن يخلف ''الحاج موسى''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/01/2012
مضاف من طرف : archives
صاحب المقال : شعبان زروق
المصدر : www.elkhabar.com