الجزائر - A la une

من أجل أن تنطلق حلوق أطفالنا..‏



هل لكلمة الفرح وجود في قاموس حياتنا؟ وهل نحن شعب يعرف ما الفرح؟
طرحت هذين السؤالين على نفسي وأنا أتفرج على صفحات الإنترنت على سهرة موسيقية جمعت عددا من الأصدقاء في المشرق العربي، راح المطرب يؤدي أغنية قديمة للسيدة أم كلثوم، وكان الجمع بطبيعة الحال في قمة السرور والانشراح.
وقبل بضع سنوات تساءلت في مقالة لي باللغة الفرنسية عن السبب الذي يقوم وراء العبوس في مدارسنا وبين التلاميذ. وقد سألني يومها الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين بمجرد هبوطه في مطار الجزائر: لم، يا تراكم، لا تعرفون ما الضحك؟ ولم أجد جوابا لذلك لأنني اعتبرت نفسيتنا الحالية أمرا طبيعيا ولها نظائر في المجتمعات الأخرى، بمعنى أن الضحك حاجة زائدة.
في مدارسنا لا يكاد التلاميذ يرددون الأناشيد والأغنيات المرحة لكأن المدرسة الجزائرية محكوم عليها بالانغلاق وبتحريم المرح والضحك والسرور.
أذكر أننا في مطالع الخمسينات من القرن الماضي كنا نسير في الشوارع والأزقة فتطالعنا أصوات الأطفال وهم يرددون أناشيد وأغنيات فيها الكثير من راحة البال، بالدارجة الجزائرية، وباللغة العربية الفصيحة وبالفرنسية حتى وإن كانت الكلمات التي يرددونها تخرج من حلوقهم مكسورة مهزوزة..
بل إنا كنا في عز الثورة الجزائرية، وفي معركة الجزائر، نسمع أصوات الأطفال وهي تنطلق في كل حي معبرة عن خلجات أرواحهم، ولا يسعى أحد إلى تحريمها أو النظر إليها على أنها من المحرمات.
الصوت الجميل نعمة من الله، وعلى الإنسان أن يتمتع به في حياته الدنيوية.
والمدرسة الجزائرية اليوم من واجبها أن تنظر إلى هذا الجانب وتأخذه بعين الاعتبار على غرار ما يحدث في سائر مدارس الدنيا.
الأصوات التي تطالعنا اليوم هي أصوات بعض الذين يتحمسون لهذا الفريق الكروي أو ذاك، ويناصرونه ببعض الأغاني التي تثير الحماس فقط. أما الطرب الحقيقي فإنه غائب الغياب كله.
المعول عليه في هذا الشأن هو ما يمكن أن تضطلع به المدرسة الجزائرية من أجل تعلم الأناشيد وبعض الأغنيات الطفولية التي يمكن أن يتعلمها الصبية حتى يصير المرح جزءا من حياتهم، وحتى يصير الإيقاع جزءا من الدروس التي يتلقونها، لأن الإيقاع، مثلما هو معلوم، جزء من دروس الفيزياء وعلم الأصوات.
لكَم أتمنى أن أجلس بمحاذاة مدرسة وأنصت إلى التلاميذ وهم يرددون بعض الأناشيد والأغاني. فالغناء الجميل لا يقتصر في المدرسة على الأناشيد الوطنية، بل ينبغي أن يتعداه إلى جميع أشكال الطرب الأخرى حتى تكتمل حياة التلاميذ في المدرسة والشارع وفي الوسط العائلي. أما التحريم الذي لا طائل من ورائه فإنه يزيدهم غبنا على غبن، وما أكثر ما عانى أطفال الجزائر من أشكال التحريم والحرمان منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.
فلنفتح آذاننا، ولننطلق بحلوقنا في هذه الدنيا.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)