الجزائر

ممرضون يتقاضون رواتبهم دون عمل وملايير ذهبت في مهب الريح أمراض السل والمفاصل والسرطان تفتك بسكان الجلفة



مدير الصحة: كل المديريات معنية بالصحة وأنا صاحب القرار في التعيينات استنزفت أغلب المؤسسات الصحية في الجلفة مبالغ ضخمة من ميزانية الدولة، إلا أنها لم تستطع أن تحقق الحد الأدنى من طلبات المواطنين وقاصدي هذه المستشفيات من أجل العلاج، بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى خروج البعض منهم موتى، وهذا ما تثبته القضايا التي وصلت إلى المحاكم.
أوضح وزير الصحة جمال ولد عباس ل''الخبر'' بأنه بذل مجهودات كبيرة من أجل رفع ميزانية قطاعه بولاية الجلفة. وأكد أنه استطاع أن يصل إلى ذلك وهذا ما تثبته الهياكل، التي بنيت وتم تجسيدها بالعديد من البلديات، ورغم حقيقة الإنجازات التي تم تجسيدها، ولا يمكن لأي أحد أن ينفيها، إلا أن كل هذا اصطدم بتجاهل وزارة الصحة توفير، لهذه الهياكل وهذه المنجزات، الموارد البشرية التي تعطي معنى لحجم الإنجاز، إضافة إلى الفوضى التي تميز تسيير هذه المنشآت، فلحد الساعة يشتكي أغلب قاصدي المستشفيات بالمدن الكبرى الجلفة، مسعد، حاسي بحبح وعين وسارة (ما يعادل 75 بالمائة من تعداد سكان الولاية) من غياب الأطباء الاختصاصيين، خصوصا الأمراض الأكثر انتشارا كالسكري، ضغط الدم، الروماتيزم، السل والسرطان، الذي تحول إلى هاجس كبير بعد تزايد عدد الوفيات بسبب هذا المرض، إضافة إلى تجاوز عدد المصابين به 850، وهذا العدد مسجل لدى إحدى الجمعيات الناشطة، في حين أن طبيبا مختصا أكد أن العدد الحقيقي أكبر، خصوصا سرطان الثدي وقد يصل إلى الألف. وحسب السجلات الموجودة على مستوى المصالح الاستشفائية بعين وسارة وحدها، فإنها سجلت 137 حالة في غياب أطباء مختصين، إضافة إلى انعدام الأدوية، وهذا ما أدخل المرضى في حالة من الرعب والخوف، ويضاف لهذا العجز غياب أطباء التخدير، حيث يوجد ثلاثة أطباء لمليون و200 ألف نسمة، في حين أن الاحتياج يصل إلى 10 أطباء على الأقل، بالمقابل صرفت الدولة من ميزانيات مختلفة مبالغ ضخمة لشراء أجهزة ''سكانير'' في كل من حاسي بحبح، مسعد وعين وسارة، إلا أنها لا زالت لم تشغّل بسبب غياب أطباء مختصين في الأشعة، ما أرغم المرضى على اللجوء إلى الأطباء الخواص، وهذا ما تثبته الأعداد الكبيرة من الوصفات التي تقدم لمختلف مراكز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل التعويضات.
المستشفيات تغرق
في الفوضى
أرجع عدد من الممرضين والعمال بالمؤسسات الاستشفائية بالجلفة الفوضى والتسيب، الذي تعرفه مختلف المؤسسات الصحية إلى عدم قدرة المسيّرين على التحكم في الوضع وتسيير المؤسسات، وأضاف محدثو ''الخبر'' أن المستشفى الكبير بعاصمة الولاية والمؤسستين الجواريتين، إضافة إلى مركز الأمومة والطفولة يسيرها ''ممرضون'' برتبة تقني سامي في الصحة، إضافة إلى تعيين نواب بمديرية الصحة بنفس الرتبة، ما أدخل هذه المؤسسات في عجز إداري ومهني، إضافة إلى تعارض التعيينات مع القانون، حسب ما صرح به العمال والممرضون.
وأكد محدثو ''الخبر'' أن تقنيا ساميا تم تعيينه كمكلف بتسيير صفقات التجهيز والبناء على مستوى الولاية، وأكد الممرضون والعمال أن هذه الفوضى تسببت في سرقة عدة أجهزة: تلفازان من نوع بلازما و6 مبردات، إضافة إلى جهاز من غرفة العمليات بمركز الطفولة والأمومة.
كما أفاد عدد من الممرضين أن هناك أجهزة تعطلت بمجرد استلامها ومنها من اشتغل لفترة لا تتجاوز ال6 أشهر، إلا أنها هي الأخرى تعطلت بسبب نوعيتها الرديئة رغم وجود أجهزة ذات نوعية جيدة في سوق التجهيزات الطبية، بالمقابل يشهد قطاع الصحة فضيحة أخرى تتعلق بصرف أموال ضخمة على خدمات المناوبة على مستوى الصحة الجوارية، في حين أن هذه المؤسسات تغلق على الساعة الرابعة والنصف. وفتحت الشرطة القضائية لأمن دائرة حاسي بحبح تحقيقا في وجهة مئات الملايين، التي تم صرفها على ممرضين مقابل المداومة، إضافة إلى تسديد أجور العشرات من الممرضين المعينين خصوصا بقاعات العلاج في المناطق النائية دون الالتحاق بمناصب عملهم، ومنهم من يشتغل في عيادات خاصة. ويضاف إلى هذا شكاوى عدد من المقاولين ومؤسسات الإنجاز والتموين بسبب سوء تسيير الصفقات والتعاقدات. وأشار عضو المجلس الشعبي الولائي وعضو مجلس إدارة الصحة الجوارية بدائرة عين وسارة، السيد سوري، في تصريح ل''الخبر''، بأن ''المؤسسة الاستشفائية تعيش تحت رحمة الصراعات بين الأطباء الممرضين والعمال في غياب كامل للردع القانوني، ما نتج عنه تسيب أضر بمصلحة المريض وراحته، مضيفا أن الدولة صرفت أموالا على بعض التجهيزات ''كالسكانير''، إلا أنها لم تشتغل لمدة أكثر من ثلاث سنوات، ما حوّل الأمر إلى ''إهدار للمال العام''، إضافة إلى صرف 400 مليون سنتيم إعانات لقاعات العلاج الريفية كل سنة، إلا أنها لم تغير من تردي الخدمات.
من جهته، قال مدير الصحة إن نقص التغطية الصحية لا تتحمّله مديريته وحدها، بل يصل إلى مصالح أخرى شريكة أساسية في الأمر كمديريات الفلاحة المعنية بالتلقيح ضد الحمى المالطية، الري فيما يخص معالجة المياه والحد من انتشار التيفوئيد، إضافة إلى الجماعات المحلية المكلفة بنظافة المحيط لحماية المواطنين من العقارب. متسائلا في الوقت ذاته ''كيف يتحدثون عن وفاة 5 أشخاص بسبب لسعات العقارب، في حين أننا استقبلنا 4000 حالة''، مضيفا أن الدولة صرفت الملايير من أجل البناء، إلا أننا في حاجة إلى دعم ميزانية التسيير، إضافة إلى ضرورة توجيه الأطباء المختصين الموجهين للخدمة الوطنية إلى الولايات الداخلية من أجل تغطية النقص، مضيفا أن قطاع الصحة حرك شكاوى لدى العدالة ضد مجهول بعد سرقة الأجهزة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)