هي حجارة، هي رمال، هي جبال، هي مياه، هي رواسب تتسرب بين الجدران، هي كلمات ترسم الطريق، هي حروف نكتبها و نجمعها لنجعل منها جمل كاملة تعبر عنا، هي حياة يقول عنها المتشاؤم أنها : كلمات لا معنى لها، هي كذلك لمن لا يدركها حقيقةً...
تلك الحجارة و الرمال و الجبال و الرسوب تسربت في دمي و دمك عن أجدادنا إنها فينا رغماً عنا إننا نعيش بها كالأوكسجين ...
إنني أبحث لأصف مشاعر لا توصف و إنما يشعر كل منا بها ...
أعود معكم إخواني و أخواتي للماضي الذي هو ليس بالبعيد، أعود بكم لأبطالي و مفخرتي هم أجدادي كان أغلبهم لايفقه في الدين قول و لا يعرف معاني الجمهورية و الدولة، لا يفرق بين الآدب الجاهلي و الآدب المعاصر، لا يفرق بين الضابط و الجندي.
كان الجهل يقمع حياتهم و يعتقد أن فرنسا حق شرعي، و مقتنع بتلك الأسطورة التي تقول : أن أراضي الجزائر كانت مرتبطة بأراضي فرنسا، و أن الزلزال فرق بيننا، و صدّق أجدادي لعقود من الزمن تلك الأساطير.
و لكن مع السنين و الأيام تحرّك التراب، تحركت الحجارة اهتزّت الجبال و نددت و قالت لا و لا ... أنا لست فرنسية بل أنا أمازيغية بربرية، أنا عربية، و حجارتي و ترابي و دمي عانقت حروف قرآنية إسلامية، لن أرضى بالأيادي المسيحية لن أرضى بأن يقال عني الجزائر فرنسية ...
و ماذا حدث ؟
إهتزّ التراب بدم الأجداد، إهتزت الرمال بوقع الجمال، إهتزت الجبال بأقدام الأبطال، لم يكن في أيدي أجدادي شيء غير رغبة في التحرر، رغبة في حرية الإختيار و كما قيل في ذاك الزمان القريب " تقرير مصير الشعوب "
و إهتزت بهم الأرض و تفاعل الشعب و قالها البطل العربي بن مهيدي : " ألقوا بالثورة إلى الشارع، يلتقطها الشعب "
و تحقّقت كلمة الحق ...
لو نتمهّل و نسترجع تلك القصص و تلك المعارك و حياة الشهداء سيظن البعض أنها أسطورة من ضرب الأساطير عندما نفكر فيها من دون تعمّق، إنهم فعلاً كانوا أعجوبة و معجزة ربانية.
ستبحثون في كلماتي هذه... و تتساءلون لماذا تسرد علينا ما كنا نعرفه... كل هذا موجود في كتب التاريخ... و إني أدري ما هو مكتوب في التاريخ، و إني أريد في هذا أن أذكركم بأن أجدادانا هم رجال و نساء اجتمعوا على البساطة في العيش و إجتمعوا على أن العيش الكريم البسيط يبدأ عندما يتحرر المرء من قيود الاستعمار و الإستغلال و أن أكبر الثورات جاءت من منبع واحد و رغبة واحدة موحدة اسمها الوطنية...
إن حب الوطن يظهر في الأفعال و ليس في كثرة الكلام و الشعارات الفارغة، و إن أقوى الشعارات هي التي تنبع من كلمة واحدة هي الوطنية، فليبحث كل منا في هذه الوطنية التي هي موجودة فينا لا محال و ليحيها بالعلم و العمل و الأخلاق... ولتتذكر دائماً أنك تمشي كل يوم و تعيش على تراب مسقية بدماء أبطال كان حلمهم أن يراك تعيش حراً و تموت حراً ...
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/05/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زبيدة كسال
المصدر : www.djelfa.info