قاطعت جبهة القوى الاشتراكية وتكتل الجزائر الخضراء وجبهة العدالة والتنمية، جلسة التصويت على الدستور أمس الأحد (بمجموع 89 نائبا من البرلمان). المراقبون والمتتبعون السياسيون لم يفاجئهم مقاطعة الأفافاس التي أعلنها مسبقا، ويعتبرون قراره هذا يندرج في سياسة ومواقف الحزب التي عوّدنا عليها منذ بداية التعددية.مقاطعة حزب العدالة والتنمية للشيخ جاب الله والثلاثي الأخضر الذي يضم خصومه السابقين والمنشقين في منتصف التسعينات (فيما يخص حركة الإصلاح وحركة النهضة) هي الملفت حسب نفس الملاحظين - ليس من حيث قرار المقاطعة، ولكن موقف المقاطعة الذي جمعهم أمس هو المثير في اتخاذ موقف موحد لخصوم الأمس أوالإخوة الأعداء.رغم أن السياسة هي مواقف تبنيها حسابات ظرفية وتجاذبات بحساب، إلا أن التشدد ومواقف التصعيد التي بلغت أحيانا حد التجريح بين الثالوث الإسلامي المتفجر عن حركة النهضة في الأصل، والتي أسسها وقادها الشيخ عبد الله جاب الله لسنوات، هي التي صنعت أحاديث الصحافة والسياسيين أمس.منذ الأمس، خرج هذا التقارب بين جاب الله وخصومه السابقين من مجرد مقاطعة لجلسة التصويت على الدستور الجديد (وهو موقف سياسي أيضا وديمقراطي) إلى التساؤل الجدي: أليس هذا الموقف الموحد الذي جمعهم يؤسس لتقارب في المستقبل؟.تساؤل مشروع إذا عدنا إلى الأشهر الأخيرة التي كثرت فيها خطابات اللين (والمغازلة) وحتى التصريحات المنادية للمّ شمل الإسلاميين وتوحيد صفوفهم ودمج أحزابهم لاسترجاع ما ضاع منهم في الساحة السياسية والخريطة الحزبية الوطنية.يتعزز هذا الزعم إذا ربطنا الموقف الموحد للمقاطعين بالورشات التي ستفتح مباشرة بعد الضوء الأخضر والنشر الرسمي للدستور والمتعلقة بمشاريع القوانين وعلى الخصوص القانون العضوي للأحزاب وتعديل النظام الداخلي "للشيوخ" و«الشعبي". فهل أدرك جاب الله و "وجماعته" بالأمس مبكرا أن "العهد الجديد" الذي تحدث عنه الوزير الأول السيد سلال والانفتاح الكبير للعمل السياسي قد لا يعطي مكانا للمستضعفين عددا. وهذا يعني ببساطة أن الإسلاميين (حسابا أوصدفة) في اتخاذهم نفس الموقف - أي المقاطعة - هو إعلان مبكر عن إمكانية التحالف مستقبلا أو حتى الاندماج.وكان حزب جبهة القوى الاشتراكية قد عبّر عن موقفه صراحة بشأن مشروع تعديل الدستور، معلنا مقاطعته الجلسة الاستثنائية لغرفتي البرلمان. الأفافاس وإن اعتبر أن تعديل الدستور هو علامة فارقة في حياة أي أمة، نظرا لكون هذه العملية تهدف إلى ضمان التماسك والشراكة الوطنية، إلا أنه تأسف لتضييع النظام هذه الفرصة، وهذا الموعد المؤدي إلى تعقيد وضع البلاد - حسبه - معتبرا أن كل مشروع دستوري يجب أن يعكس أكبر توافق ممكن، وإلا حكم عليه بالفشل.لتحقيق هذه الغاية، دعا حزب جبهة القوى الاشتراكية جميع القوى السياسية والاجتماعية لبدء عملية تأسيسية من أجل التوصل إلى توافق وطني يقوم على سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان، مبرزا أن هذا المشروع ما هو إلا استمرار لمسلسل "العنف الدستوري" الممارس ضد الشعب الجزائري منذ 1963(وهي مواقف معروفة لدى جبهة القوى الاشتراكية منذ إرساء التعددية). وأشار بيان الأفافاس إلى أن الدستور لم يكن سببا للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تعيشها البلاد، وعليه لن يكون هو من يخرج البلاد من هذه الأزمة.تكتل الجزائر الخضراء الذي أعلن مسبقا مقاطعته جلسة التصويت على التعديل الدستوري، برر قراره الذي يتماشى مع الموقف العام للمعارضة، المتمثل في رفض التعديل، لكون التعديل غير توافقي. ولم يحدد طبيعة النظام السياسي ولم يكرس الفصل بين السلطات والتوازن بينها وعدم استقلالية القضاء. وكان بعيدا عن النقاش المعمّق والمشاركة الشعبية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/02/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : جميلة أ
المصدر : www.el-massa.com