صلة الرحم واجب من واجبات المسلم المقدسة تجاه أهله وذويه، وتعدّ من مكارم الأخلاق التي حث عليها الإسلام، ولرفعة شأنها وخطورة قطعها، دعا الله إليها عباده في تسع عشرة آية من كتابه الكريم، وأنذر من قطع رحمه باللعن والعذاب في ثلاث آيات، منها قوله تعالى: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) (محمد: 23)، وقوله عزّ وجل: ((وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار))، (الرعد:25).وخوفا من اللعنة والعذاب وطمعا في الرحمة والثواب يوم الحساب، دأب السلف الصالح على التمسك بهذه الصلة والمحافظة عليها ، في حين عمّ مجتمعنا اليوم التناحر على حطام الدنيا والتنافر، وسادت القطيعة بين الأسرة الواحدة لأسباب أغلبها مادية؟ إذ هناك من العائلات من تصرّ على العناد والقطيعة حتى في شهر التسامح والغفران، لتمتد بذلك الضغينة وتزداد معها القسوة والجفاء، هذا الأخير الذي يولد نسيان أقرب المقربين إلينا، فكم من ابن حرمه قطعه لصلته بوالديه رؤيتهما وهما يودعان الدنيا ويمنحانه السماح والمغفرة، وكم من أسرة تشتت بانقسامها وكم وكم وكم، فالأمثلة للأسف كثيرة؟
ويأتي رمضان في كل عام ليعيد الصلة المبتورة لسنوات بين الابن والأب والأم، الابن والإخوة والأخوات، الخال والخالات والعم والعمات؟
الشهر الكريم اليوم بيننا، ما أتى إلاّ ليمنحنا فرصة ثانية، ومفتاح خير آخر لفتح باب التسامح والتواصل مع أقرب المقربين إلينا، فلنكن من فئة العافين عند المقدرة لنمنح صيامنا تأشيرة القبول من الله عز وجل، هذه التأشيرة التي لا يأخذها إلا واصل رحم، ولنتذكّر أنّ أعمال بني آدم تعرض على المولى كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل بر لقاطع رحم، كون الرحم معلقة بالعرش من وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/07/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نادية شنيوني
المصدر : www.el-massa.com