الجزائر

مغربيان دفعتهما قسوة الحياة مع رجالات المخزن لدخول الجزائر للاسترزاق رغم خطر الاعتقال، لـ”الفجر”: “الجزائر منحتنا الحياة بعد أن فقدنا الأمل في بلدنا، والدرك عاملونا باحترام”



مغربيان دفعتهما قسوة الحياة مع رجالات المخزن لدخول الجزائر للاسترزاق رغم خطر الاعتقال، لـ”الفجر”:              “الجزائر منحتنا الحياة بعد أن فقدنا الأمل في بلدنا، والدرك عاملونا باحترام”
محمد. ج”، و”محمد. ن”، شابان مغربيان من دوار أولاد دحو بولاية تاونات، وولاية فاس على التوالي، دفعتهم الحياة القاسية في المغرب للهجرة غير الشرعية باتجاه الجزائر، وهما اليوم لا يعلمان أنهما سيقضيان 6 أشهر في السجن، بدليل الاطمئنان الذي بدا عليهما ونحن نجري هذا الحوار القصير معهما، وذلك هربا من جحيم المخزن دخلنا بطريقة عادية مع جزائريين ومغاربة اعتادوا مهنة توصيل الحراڤة “ الذي لم يستطع توفير لقمة العيش لأبناء المغرب، ولا يترك بالمقابل وبهدف تحويل أنظار المواطنين المغاربة عما يشغلهم من مشاكل يومية، للتهجم على الجزائر ووصفها بكل الأوصاف، في حين يخاطر المواطنون المغاربة بحياتهم من أجل أسرهم ولقمة العيش باتجاه بلدهم الجزائر التي احتضنتهم في كل مرة قصدوها.تمكنت “الفجر” خلال المداهمة التي قادتها رفقة كتيبة الدرك الوطني لـ”سفيزف” بولاية سيدي بلعباس، من رصد شابين مغربيان، “محمد. ج” و”محمد. ن”، من دون وثائق إقامة، ألقت عليهما مصالح الدرك القبض في سيارة أجرة قادمة من ولاية سعيدة، بينما متوجهين إلى ولاية تلمسان، ومنها إلى المغرب عبر الحدود، بعد عام كامل قضوه بولاية سعيدة للعمل لدى الجزائريين في تزيين البيوت بالجبس، الصناعة التي يشتهر بها المغاربة، حيث اغتنمنا الفرصة لإجراء حوار معهما كشفا من خلاله عن الحياة التعيسة التي يعيشها الشباب المغربي الذي أصبح يرى في الجزائر سبيله للاسترزاق وتوفير بعض الدرهم للعائلة.بداية، كيف تمكنت مصالح الدرك الوطني من توقيفكما؟كنا على متن سيارة أجرة قادمين من ولاية سعيدة باتجاه تلمسان، بهدف اجتياز الحدود والعودة إلى المغرب لرؤية العائلة والأقارب، خصوصا وأننا لم نمض عيد الأضحى هناك، بحيث كنا نعمل بولاية سعيدة لدى الجزائريين في تزيين البيوت بالنحت على الجبس، وهذا منذ أكثر من عام كامل قضيناه في هذه المهنة بولاية سعيدة، التي وجدنا فيها ضالتنا، بكثرة الطلب علينا، وكذا السعر الجيد الذي يقدمه لنا الجزائريون مقابل ما نقوم به من عمل.ما هو السبب الذي دفعكما لدخول الجزائر رغم خطر الحبس والطرد؟أولا، نحن تعلمنا هذه الحرفة عند من سبقنا من المغاربة، الذين كانوا يعملون بالجزائر، رغم أنهم حراڤة من دون أية وثائق، وسمعنا من هؤلاء أن العمل في الجزائر متوفر وبسعر جيد جدا، بحث يمكننا العمل والعيش والتوفير وإرسال مبلغ محترم إلى العائلة في المغرب، إضافة إلى الظروف القاهرة التي نعيشها في بلادنا حيث لا يمكن لنا فيها، سوى العمل وتحصيل الأجر اليومي فقط لا غير، حيث لا يمكننا التوفير ولو القدر القليل من المال، على عكس الجزائر التي نرسل منها ما يفوق 2000 درهم في الشهر، أي ما يعادل أجر موظف في المغرب، وهو الأمر الذي دفعنا للمخاطرة والقدوم إلى الجزائر رغم خطر الاعتقال والحبس، وهذا في سبيل توفير الخبزة للعائلة في المغرب.كيف استطعتما الدخول إلى الجزائر؟دخلنا بطريقة عادية جدا، مع أشخاص جزائريين ومغاربة اعتادوا مهنة توصيل الحراقة، بحيث يأخذ المغربي 200 درهم عند توصيله لنا إلى غاية الحدود الجزائرية انطلاقا من وجدة إلى غاية منطقة عين لحجر بمغنية في ولاية تلمسان، ثم يقوم الجزائري الذي يكون له اتصال مع الناقل المغربي، بانتظارنا وتوصيلنا إلى سعيدة مقابل 2000 دينار جزائري، وهكذا تتم العملية في طريق العودة بصورة عكسية.وكيف لم تلتقطكما مصالح الأمن الجزائرية رغم أنكما قضيتم عاما كاملا؟نحن نجتنب الوقوع في قبضة الأمن الجزائري، سواء الدرك أو الشرطة في تنقلاتنا بولاية سعيدة التي قضينا فيها عاما كاملا، حيث نتحاشى الخروج من البيت الذي نعمل فيه إلا للضرورة القصوى، إضافة إلى هذا فإن الجزائريين لا يفضلون الإخبار عنا، بل والأكثر من ذلك، كانت لنا صداقات كثيرة في ولاية سعيدة، وهؤلاء الناس هم من كانوا يحرصون على سلامتنا، وكانوا يقدمون لنا المساعدة في كل لحظة، وكانوا يقدمون لنا الفطور في شهر رمضان.بالمناسبة، كيف قضيتما المناسبات الدينية بالجزائر؟بكل بساطة، لسنا المغربيين الوحيدين بولاية سعيدة، فهناك مغاربة آخرون يعملون في نفس الحرفة، وكنا نلتقي في المناسبات ورمضان لقضاء بعض الأوقات معا، خاصة في عيد الأضحى، الذي كنا فيه بعيدين عن الأهل والأقارب والأصحاب، حيث اجتمعنا رفقة ثلاثة مغاربة وقمنا بشراء الأضحية، وأمضينا عيدا جيدا، إضافة إلى العلاقات الطيبة التي كوناها مع بعض الشباب بولاية سعيدة، لم تشعرنا بالغربة أبدا.وأنتما تستعدان للرحيل، ماذا أخذتما كذكرى من الجزائر؟- الجزائر منحتنا الحياة بعد أن فقدنا الأمل في بلدنا، الجزائر أعطتنا ما لم نكن نحلم به في المغرب، والدليل على ذلك أن رحلتنا اليوم إلى المغرب كانت لرؤية العائلة وأخذ بعض المال ثم العودة إلى الجزائر للعمل مجددا، حيث لم نعرف سوى الناس الجيدين الذين لم يبلغوا عنا، ومنحونا كل أموالنا مقابل العمل الذي قمنا به، فضلا عن أن أصحاب البيوت الذين عملنا لديهم لم يكونوا يطردونا بعد الانتهاء من الأشغال، بل كانوا يمهلوننا ويتركوننا نقيم في بيوتهم إلى غاية دعوتنا إلى بيت آخر للعمل فيه.كيف عاملتكم مصالح الأمن الجزائرية بعد حجزكم؟بكل لطف، فنحن لا نتاجر بالمخدرات ولا نقوم بتهريب سلع، وقد شرحنا هذا الأمر لعناصر الدرك الذين قاموا بتوقيفنا، حيث قاموا بنقلنا إلى مقر الكتيبة بصورة جد طبيعية، ولم يتم معاملتنا كمجرمين، ولم يتم الاعتداء علينا، ونحن نرجو العودة إلى بلادنا لرؤية العائلة فقط، لكن هذه المرة لن تكون هناك عودة إلى الجزائر، بعد أن تم القبض علينا، وسنتحمل قسوة الحياة في المغرب وربما المجازفة مرة أخرى إذا اقتضى الأمر، فكما قلنا من قبل، في المغرب لا يمكننا العيش بهذه المهنة.مبعوث “الفجر” إلى سيدي بلعباس: عبد الرحيم خلدون


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)