من معارك وبطولات المسلمين في الاندلس - معركة الزلاقه
في عام 447 هـ سقطت مدينة طليطلة التي كان يحكمها ملوك الطوائف وهم من أسرة ذي النون على يد الملك الصليبي ألفونسو السادس ملك قشتالة ، بعد ذلك أخذ هذا الملك الصليبي الحاقد يجوس خلال الديار ويغتصب بلاد الأندلس الواحدة تلو الأخرى ، ويفرض الإتاوة على ملوكها .
فنظر المعتمد بن عباد ملك قرطبة – أحد ملوك الطوائف - في أمره فرأى أن الفونسو قد داخله طمع في بلاده ، فأرسل إلى يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين يطلب منه النصرة والمساعدة ورغم كل التحذيرات التي وجهت إلى المعتمد بن عباد، وتخويفه من طمع المرابطين في بلاد الأندلس، إلا أن النخوة الإسلامية قد استيقظت في نفسه ، فأصر على الاستنجاد بالمرابطين ، وقال قولته التي سارت مثلاً في التاريخ:
( لأن أكون راعي جمال في صحراء أفريقية خير من أن أكون راعي خنازير في بيداء قشتالة ) .
ثم تحركت العساكر إلى أشبيلية ، وعلى رأسهم ابن تاشفين ، ونزل بظاهرها ، وخرج المعتمد بن عباد وجماعته من الفرسان لتلقيه ، وتعانقا ، ودعوَا اللهَ أن يجعل جهادهما خالصاً لوجهه الكريم . وكان جيش المسلمين ثمانية وأربعين ألفاً نصفهم من الأندلسيين ونصفهم من المرابطين ، أما جيش ألفونسو فقد كان مائة ألف من المشاة وثمانين ألفاً من الفرسان ، منهم أربعون ألفاً من ذوي العدد الثقيلة ، والباقون من ذوي العدد الخفيفة .
في أرض الزلاقة :
وعسكر الجيشان قرب بطليوس في سهل تتخلله الأحراش ، سماه العرب الزلاقة ، وفرق بين الجيشين نهر صغير ، وضرب ابن تاشفين معسكره وراء ربوة عالية ، منفصلاً عن مكان الأندلسيين ، وعسكر الأندلسيون أمام النصارى ، ولبث الجيشان أمام بعضهما ثلاثة أيام راسل فيها ابن تاشفين النصارى يدعوهم للإسلام أو الجزية أو القتال فاختاروا الثالثة وأرسل ألفونسو رسالة إلى ابن تاشفين يهدده ويتوعده فرد عليه ابن تاشفين برسالة صغيرة ( الخبر ما تراه لا ما تسمعه ) .
وفي صباح يوم الجمعة 12 رجب 479هـ
زحف ألفونسو بجيشه على المسلمين ، ودارت معركة حامية ، ازداد وطيسُها ، وتحمَّل جنودُ الأندلس [من المسلمين] الصدمة الأولى، وأظهر ابنُ عباد بطولة رائعة، وجرح في المعركة، واختل جيش المسلمين، واهتزّت صفوفه، وكادت تحيق به الهزيمة، وعندئذ دفع ابن تاشفين بجيوشه إلى أتون المعركة، ثم حمل بنفسه بالقوة الاحتياطية إلى المعسكر القشتالي فهاجمه بشدة، ثم اتجه صوبَ مؤخرته فأثخن فيه وأشعل النار، وهو على فرسه يرغب في الاستشهاد، وقرْعُ الطبول يدوي في الآفاق، قاتل المرابطون في صفوف متراصة ثابتة، مثل بقية أجنحة المعركة.
انتصار المسلمين وهزيمة النصارى
ما أن حل الغروب حتى اضطر الملك القشتالي، وقد أصيب في المعركة، إلى الانسحاب حفاظاً على حياته وحياة من بقي من جنده ولم ينج من جيش القشتاليين مع ملكهم سوى أربعمائة أو خمسمائة فارس معظمهم جرحى ، ولم ينقذ البقية من جيش ألفونسو سوى حلول الظلام حيث أمر ابن تاشفين بوقف المطاردة ، ولم يصل إلى طليطلة فيما بعد من الفرسان سوى مائة فارس فقط .
كل ما سبق كان في 12 رجب من سنة 479هـ ، وقضى المسلمون ليلهم في ساحة القتال يرددون أناشيد النصر شكراً لله عز وجل ، فلما بزغ الفجر أدوا صلاة الصبح في سهل الزلاقة ، ثم حشدوا جموع الأسرى ، وجمعوا الأسلاب والغنائم ، وأمر ابن تاشفين برؤوس القتلى فصفت في سهل الزلاقة على شكل هرم ، ثم أمر فأذن للصلاة من فوق أحدها ، وكان عدد الرؤوس لا يقل عن عشرين ألف رأس .وذاع خبر النصر وقرئت البشرى به في المساجد وعلى المنابر ، وغنم المسلمون حياة جديدة في الأندلس امتدت أربعة قرون أخرى .
تاريخ الإضافة : 04/05/2011
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
صاحب المقال : إســـلام
المصدر : aljazeeratalk.net