الجزائر

معركة الجزائر الثانية



 ماذا أصاب ''المجاهد'' ياسف سعدي حتى يفتح عليه نيران ''المجاهدة'' لويزة إيغيل أحريز؟ وهو الذي يعرف أن الرجل الجزائري لا يجرؤ حتى على جدال المرأة، أية امرأة، وإن كان على صواب. وانتظر اقتراب مرور 49 سنة كاملة على استقلال الجزائر، ليقول إنه لا يعرف هذه المجاهدة. وهو الذي يعرف أحسن من غيره أنه يوجد من هم حاملون لشهادات ''مزيفة'' يستنزفون بها أموال الجزائريين وخيراتهم بجهاد لم يمارسوه.
هذه المرأة التي لا يعرف عنها الجزائريون، منذ استقلال البلاد، غير استماتتها في فضح جرائم الاستعمار الفرنسي والتي تميزت بـ''التعفاف'' رغم ما أصابها من أذى مادي ومعنوي، لم يسمع أحد المجاهدة لويزة إيغيل أحريز تطالب برخصة استيراد سيارة أو رخصة ''طاكسي'' أو قطعة أرض أو قرض بنكي أو غيرها من المنافع المادية التي توزعها دولة كل الجزائريين على الذين يستحقون والذين لا يستحقون.
ويفتخر كثير من الجزائريين بانتمائهم لنفس الوطن الذي أنجب لويزة إيغيل أحريز، التي زلزلت المحاكم الفرنسية وجعلت منشطي البلاطوهات التلفزيونية يتحاشون استضافتها، منذ أن تيقنوا أنهم لن يستطيعوا حملها على التفوه بما يمس بكرامتهم وقداسة ثورتهم وحرمة شهدائهم. ومنذ أن تحققوا أنهم يساهمون باستضافتها في كشف بشاعة ما فعلته فرنسا في الجزائر.
عرفت المجاهدة لويزة إيغيل أحريز، مثل الجزائريين من جيل الاستقلال، من خلال ما كتبه المؤرخون الجزائريون والأجانب عن الثورة التحريرية. وكتب عنها حتى الفرنسيون الذين عذبوها. هل أن هؤلاء كلهم كذبوا؟ لماذا سكت ياسف سعدي ولم يصحح تلك ''الأكاذيب''؟ ويقول اليوم إنه لا يعرف لويزة إيغيل أحريز؟ وعرفت أيضا المجاهدة في الملتقيات التي شاركت فيها، والتي تسطع فيها بتواضعها ومروءتها.
صحيح أن كل ما كتب عن الثورة التحريرية ليس قرآنا. وليس فيلم ''معركة الجزائر'' كل ما حدث في العاصمة خلال الثورة التحريرية فيها. وليس الذين ظهروا في الفيلم، الجميل بالمناسبة، وحدهم أبطالها. لكن لا أحد شك طيلة 49 سنة أن لويزة إيغيل أحريز ''محتالة'' أو مجاهدة مزيّفة. ولا أعتقد أن أحدا يشك في جهاد هذه المرأة الشهمة، التي حافظت بتواضعها وبقائها قريبا من عامة الجزائريين، على سمعة لم تتحقق لمئات المجاهدين الذين اختاروا مسارات غير مسارها.
وفي كل الحالات، فإن ما فعله ياسف سعدي، رغم البركان الذي أيقضه تصريحه، مفيد للتاريخ. ولا شك أنه سيساهم في وضع حد للتزييف، لأن ''التقديس المطلق'' سبّب أضرارا كبيرة لذاكرة الجزائريين التي غطى فيها الزيف ''نبل'' تضحيات آلاف الشهداء والمجاهدين الذين بقوا مخلصين لما عاهدوا عليه...
وبما أن ياسف سعدي هو الذي بادر بالتصريح أنه لا يعرف لويزة إيغيل أحريز، من حقنا أن ننتظر أن يرد على التحدي الذي طرحته عليه، من أجل الحقيقة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)